«”الكرَّاب” فلكلور مغربي يقاوم الاندثار».. هند الصنعانى تقدم هدية اليوم لـ«أنا حوا» من المغرب
بملابسه الزاهية المزركشة وناقوسه النحاسي الذي يتردد صداه في الأمكنة المزدحمة، يجوب الشوارع والازقة ليسقي الناس شربة ماء خاصة في الحر القائظ... والمقابل دريهمات قليلة يظفر بها أو مجرد دعاء الترحم على والديه مما يشعره بالزهو لممارسة مهنة مغربية قديمة هي اليوم في طريقها للانقراض.
إنه “الكراب” أو “الساقي”، وهو وجه مألوف في المغرب ورمز من رموز الفولكلور المغربي، حتى أصبح علامة مُسجلة ترمز إلى السياحة المغربية ورمزا من رموز الكرم وحسن الضيافة، إلا أنها باتت مهددة بالانقراض بسبب تراجع الإقبال على العمل بها نظرا لتدني دخلها، وانعدام الاهتمام الحكومي بها، لقاء دافئ أجراسه النحاسية تتلألأ من شدة الصقل والنقاوة وحين تنعكس عليها أشعة الشمس الحارة، تخطف الأبصار.
لباسه الأحمر مُميّز فهو ينتعل “بلْغتُه” الفاسية بتصميمها المغربي العريق والأصيل، أما قبّعته الكبيرة التي تحميه من لهيب أشعة الشمس الحارقة فهي قُبعة مُستوحاة من القبعات المعروفة في المكسيك ودول أميركا الجنوبية، ولا تفارق محياه ابتسامته الصادقة والتي تعكس صفاء روحه وسعة قلبه وتواضعه والقناعة التي تملأ قلبه، وإيمانه بقيمة الماء وقدسيته، ذلك الذي يحمل كمية منه في قربته الكبيرة المصنوعة من جلد الماعز.
يمشي هذا “الكراب” مزهوا بخطاه ويرسم الابتسامة على وجه السياح، ولا تكتمل فرحته إلا حين يأخذ قبعته الحمراء والمُذهبة ويضعها على رؤوس أبناء وبنات سياح يزورون ساحة جامع الفنا العريقة بتاريخها النابض في قلب مدينة مراكش، ويرى أبناء السياح يتقافزون فرحا أمامه معبّرين عن فرحتهم بأخذ الصور معه. وابتسامة هذا “الكراب” المرسومة على وجهه هي ابتسامة صادقة، يرسمها أمام السائح الأجنبي من جنسيات مختلفة، على الرغم من ظروفه المادية الصعبة التي يعيشها، فَهَمُّهُ الوحيد هو أن يصنع فرح الناس مُتَنَاسِيا آلامه وأحزانه وفقره وحسرته على ما آلت إليه مهنة “الكراب”، التي كانت تُغْني صاحبها قبل عقود من الزمن، يوم كان الإقبال على الماء، الذي يحمله في قربته، مرتفعا نظرا لشُح الماء ونقاوته.