التبوريدة...فن وأصالة وعراقة
“التبوريدة” فن من فنون الفروسية المغربية التقليدية، فهي أحد الفنون الرياضية و الفلكلورية التي تلقى استحسان المغاربة في كثير من المناسبات، كالحفلات و المهرجانات والمواسم لما تحمله من دلالات تاريخية ورموز تراثية عميقة.
كلمة "التبوريدة"، مشتقة من كلمة "البارود"، فن يعود إلى القرن 16 يقدم صفحات من تاريخ الجهاد بالمغرب ضد الغزاة، حيث كان المجاهدون يركبون ظهورالخيل والبنادق في أيديهم وينظمون صفوفهم لمواجهةالأجنبي، حافظت التبوريدة على بعدها الروحي القوي، لاسيما أنها تضع الحصان، كحيوان مقدس في الإسلام، في صلب المشهد الفرجوي الرائع.
أما عن طقوس هذا الموروث الثقافي، فيؤدي فن “التبوريدة” فرسانا وخيول يطلق عليها إسم “السربة”،حيث تعدو هذه الأخيرة في التبوريدة، من 11 إلى 15 فارسا يصطفون على خط انطلاق واحد، ويترأسها “المقدم”، الذي يتخذ مكانه في وسط الفرقة وينسق حركات الرجال والخيل معا و يردد الفرسان عبارات متنوعة تذكر بـ”حركة الجهاد”، ثم يطلقون نيران بنادقهم في اتجاه السماء أو في اتجاه الأرض تابعين في ذلك إشارة “المقدم”، وكلما كانت الطلقة منسجمة وموحدة، كان اللغط والتصفيق والزغاريد، وكلما كانت الطلقات متناثرة ومشتتة غضب العلام ومعه الجمهور.
ظلت رياضة الفروسية التقليدية في المغرب مقتصرة على الرجال لعصور عديدة، لكن في مطلع سنة 2003 قررت مجموعة من الفتيات تجاوز المألوف، فشكلن طليعة من الفارسات أطلقن عليها اسم ''فانتازيا''، وصارت تقدم استعراضاتها في كل المهرجانات والمواسم على امتداد ربوع البلاد، وفيما بعد تحولت الطليعة إلى فرق عدة توزعت على مختلف جهات المملكة المغربية.
على نفس منهج الفرق الرجالية، يؤدي فن التبوريدة النسائية فارسات ينتظمن في دوائر حول قائدة الفرقة، يرددون عبارات متنوعة، وتقدم العروض بتتابع المجموعات ''السربة''، وتتمثل أصعب مهمة بالنسبة لهن في كبح جماح خيولهن التي تكون على عجلة من أمرها لتتصدر السباق، ويزداد جموحها مع انطلاق كل مجموعة، كما يجدر بالفارسات الضغط على زناد بنادقهن بمجرد تلقي الإشارة بذلك من قائدة السربة، ذلك أنَّ نجاح التبوريدة عندهن رهين بأن تكون طلقات البارود في لحظة واحدة·
حازت مختلف فرق ''الفروسية التقليدية النسائية'' على العديد من الجوائز منذ تأسيسها عرفاناً لها على ما حققته من بطولات، وعلى ما تتميز به الفارسات من شجاعة وإقدام.
سجل المغرب فن التبوريدة تراثا ثقافيا لا ماديا للبشرية في UNESCO، ففي حضرة اليونيسكو واللجنة العلمية تم التدقيق في المصادر المعتمدة للملف المطروح من الدولة المعنية ، و هذا ما تم تأكيده بشكل رسمي في الملف المغربي وهو أن أصول التبوريدة أو هذا النوع من التراث المغربي يعود إلى القرن 16 م العهد السعدي، وبذلك سجل هذا التراث مغربيا لذلك فإن المملكة المغربية تعمل على الحفاظ عليه من الاختفاء بتعليمه للأجيال الناشئة.