مفاجأة غير مسبوقة في مصر ..الداخلية تنفذ أكثر من20مليون حكم قضائي..تفاصيل
في مفاجأة غير مسبوقة في مصر نفذت وزارة الداخلية أكثر من20مليون حكم قضائي، ومفهوم العدالة الناجزة لا يمكن فهم دلالاته إلا بوضعه داخل سياق مجتمعي، وتطبيقه جملةً وتفصيلًا على أحداثٍ كانت محور حديث الشارع المصري، ومضاهاة تلك الأحداث منذ لحظتها الأولى حتى نصل إلى ما آلت إليه وما انتهت به، وكي نصل إلى تلك النتيجة سنأخذ عين قارئنا فى جولة داخل مجموع الأحكام التى أعلنت الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام بوزارة الداخلية تنفيذها هذا العام، ونسلط الضوء على بعض تلك الوقائع التي كانت أكثر صعوبة وخطورة لمناقشة تفاصيلها وأحداثها حتى يتسنى لنا فهم مفهوم العدالة الناجزة فهمًا صحيحًا ومتقنًا .
يوميًا تصدر المحاكم فى كل أنحاء الجمهورية المئات بل والألاف من الأحكام المختلفة، وتنتقل تلك الأحكام إلى مكاتب الأجهزة الأمنية فى الإدارة العامة لمباحث تنفذ الأحكام وأقسام ومراكز الشرطة حتى يتم تنفيذها، وهو أمر لو تعلمون عظيم .
لذلك تعتاد وزارة الداخلية نشر يوميًا عبر منصاتها المختلفة تفاصيل وعدد الأحكام التى استطاعت الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام تنفيذها، ومن خلال متابعة دقيقة ومتأنية لهذه البيانات يتبيّن أن متوسط عدد الأحكام التى يتم تنفيذها يوميًا يقارب من الـ 60 ألف حكم قضائي، ما بين أحكام جنائية وأحكام بالحبس الجزئي وأحكام بالحبس المستأنف، ناهيك عن أحكام الغرامة والمخالفة .
خلف كل هذه الأحكام التى يتم تنفيذها على مدار اليوم خلية نحل تعمل، لا تكل ولا تمل، حتى أن بهذا المعدل نستطيع أن نجزم بأنه فى القريب العاجل ستنتهى كل القضايا العالقة التى لم يتم تنفيذ أحكامها بعد، ويصبع مفهوم العدالة الناجزة مفهوم فعلي نرى صداه يوميًا فى الشارع المصري .
فمثلًا، على مدار هذا العام وبشكل يومي، ومن خلال متابعة وإحصاء تلك البيانات التى تنشرها وزارة الداخلية عبر منصاتها، وصل الرقم سنويًا إلى أكثر من 20 مليون حكم تم تنفيذه خلال هذا العام فقط .
هذا الرقم لا يعنى أن عدد المحكوم عليهم فى هذه القضايا، والتى تم تنفيذ فيهم هذا الحكم هو نفس عدد الأحكام، لأن هناك أشخاص عليهم أكثر من حكم، يصل فى أحيانٍ كثير إلى أكثر من مئة حكم، وحتى لا يثير هذا اللغط، فإن البيانات التي تنشرها الوزارة تتضمن عدد المحكوم عليهم، ومتوسط عدد المحكوم عليهم يوميًا بمراجعة تلك البيانات هو 5 آلاف شخص، فى كل أنحاء الجمهورية وعلى مدار اليوم، وبحسبة بسيطة، فإن عدد الذين تم ضبطهم لتنفيذ أحكام عالقة عليهم لا يقل عن مليون ونص المليون شخص خلال هذا العام فقط .
من بين كل هذه القضايا .. نسلط الضوء على أبرز الوقائع التى شهدها هذا العام ومجهود الأجهزة الأمنية فى إنهائها كما يجب أن يكون .
بطاقة مزورة
مع أحداث يناير، وما حدث في سجن وادي النطرون، وجد «حسن» نفسه خارج أسوار السجن يركض هربًا . لم يكن يعرف لماذا يجري، ولم يتخيل يومًا أن يكون بعد كم هذه الجرائم الوحشية التي ارتكبها خارج زنزانته .
كان وقتها الوضع الأمني مضطربا، والأمور تقود الدولة من سيء إلى أسوأ، خصوصا بعد وصول الجماعة الإرهابية إلى منصة الحكم، وحينها لم يكن على «حسن» بذل أى مجهود في التخفي، إذ أن الوضع الأمني غير مستقر وليس هناك ما يجعله يخاف القبض عليه .
لكن بعد ثورة ٣٠ يونيو بدأ الوضع الأمني يتعافى، وبدأ النظر في ملفات الهاربين وتعقبهم هو الأولوية .
كان «حسن» يعرف ذلك حق المعرفة، ورأى بعد ذلك أن العيّش باسمه وصورته يمثل تهديدًا عليه، وأنه لو ظل يعيش في بيته فمسألة القبض عليه هي مسألة وقت فقط .
وعليه كانت أولى محاولاته تغير اسمه، واستغل اسم ابن خالته المتوفى والذي لن يشك أحد فيه واستطاع دفع ٢٠ ألف جنيه مقابل تغير اسمه في بطاقته الشخصية، لكن ما لم يكن يعيه أن صورته على بطاقته غير تلك الصورة الموجودة على الحاسوب مع اسم نجل خالته، وأنها في الأساس ليست صورته إنما صورة لرجل يعيش في نفس بلدته .
بمعنى أنه يمشي ببطاقة ليست باسمه أو صورته، وأن أى محاولة من شأنها التفريق بينهما سترى بالعين المجردة ولا تحتاج حتى إلى تفحص . وهذا أول خطأ ارتكبه .
لكن خياله المريض صور له أنه بعد ذلك سيصبح بعيدًا عن أجهزة الأمن، وأن تعقبه أصبح مستحيلًا، وعليه أخذته العزة بالإثم، وعاد إلى حياته متخفيا في صورته واسمه الجدد، يتزوج ويطلق بهما، حتى وصلت زيجاته إلى أربع مرات، وكلها بالاسم والصورة المستعارين .
أيام تجر أيام ويعيش «حسن» حياته كما كان يتخيل، لكن، على البر الثاني، هناك من فتح ملفه القديم وبدأ يبحث فيه، ووضعه موضع الأهمية، وبدأت الأجهزة عملها في تعقبه .
وعلى هذا النحو استمر الوضع فترة زمنية كبيرة، حتى حانت اللحظة، ووجد الباحث ضالته، وعليه كانت المعلومة التي تفيد بأن «حسن» السابق اتهامه في عدة قضايا قتل عمد والمحكوم عليه بالإعدام شنقًا على مكتب الرائد أحمد عبدالله معاون أول مباحث القطامية، والتي جاءته من أحد مصادره السرية، هى أول الخيط للقبض عليه .
بإخطار اللواء أشرف الجندي مدير أمن القاهرة أمر بسرعة تشكيل فريق بحث على أعلى مستوى برئاسة اللواء نبيل سليم مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة للقبض على المتهم وعقب تقنين الإجراءات وبعمل العديد من الأكمنة الثابتة والمتحركة تمكن الرائدان محمود درويش ومحمد مجدي معاونا المباحث من ضبطه في أحد الأكمنة المعدة له، وبمناقشته قرر أن الصورة لشخص من نفس بلدته ويعيش حاليا بليبيا وأن والده متوفى . وعليه تم تحرير محضر وأحاله مأمور قسم القطامية إلى النيابة العامة لمباشرة التحقيق .
الغراب
شركة للإنشاءات بدأت عملها منذ أربعة أعوام في التجمع الخامس، صاحبها يبدو وقورًا، تراه وتطمئن له، لكن ما كان هذا إلا آداة من أدوات النصب التي يبدع فيها، تلك الشركة تلقت الكثير من الأموال من بعض الأشخاص نظير شقق وعقارات في التجمع، دفعوا لهم «تحويشة» عمرهم، لكن بعد شهور قليلة، أغلقت الشركة وتبين أنه لا أساس لها من الصحة، وأن أموال الناس أكلها «الغراب» وطار .
أقيمت الدعاوي القضائية ضد هذا الهارب، حتى وصلت عدد أحكامه إلى ٤٣٨ حبس جزئي، منها ما هو مطلوب التنفيذ عليه فيها ومنها ما هو مستأنف، إضافة إلى ٧٢٤ حكم غرامة في قضايا استيلاء ونصب وشيكات وسرقة تيار كهربائي .
ووصلت مدد حبسه إلى ٥٩٥ سنة وغرامات مالية تجاوزت حد الـ ٢٨ مليون جنيه .
بتلك الأرقام، كاد الرجل أن يصبح عالِمًا في النصب، إذ أنه ارتكب كل أنواع النصب، وامتهن تقريبا كل المهن، لكن وكما سبق القول، النهاية حاضرة وإن تعذر رؤيتها .
كان صاحبنا يغوى شركات الإنشاءات، ويحاول دائما أن يكون نطاق القاهرة الجديدة نطاقه، حيث الوجهة الاستثمارية الأكبر، ولكن في تلك الفترة قرر أن يهدأ بعض الشيء، وعندما رأى أن عودته سانحة، وأن أجهزة الأمن لا تتعقبه، بادر وخرج من مخبئه باحثًا عن مكتب جديد يعود من خلاله للنصب .
لكن كان خروجه ومراقبته هو السبب في تحديد مخبئه، وكانت تلك المعلومة الأولى التي جاءت للمقدم إسلام عبد العال رئيس مباحث قسم شرطة المقطم، والذي على الفور قام بإخطار اللواء أشرف الجندي مدير أمن القاهرة، والذي أمر بتشكيل فريق بحث برئاسة اللواء نبيل سليم مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة للقبض على المتهم، وبالفعل عقب تقنين الإجراءات، تم إستهدافه وأمكن ضبطه، وبمواجهته أمام العميد عمرو خاطر مفتش المباحث بالأحكام الصادرة ضده أقر بها وتم تحرير محضر، وأمر العميد محمد فرغلي مأمور قسم المقطم والرائد صلاح عبد الرحمن معاون الضبط بإحالة المتهم إلى النيابة العامة .
مقاول
الواقعة الأخرى، والتي شهدتها منطقة عين شمس بالقاهرة، لم تختلف كثيرًا عن تلك الواقعة التي شهدتها التجمع الخامس، الفرق فقط أن هارب التجمع صاحب شركة إنشاءات وأن هارب عين شمس مقاول .
الحكاية بدأت بـ مقاول اشترى قطعة أرض في نطاق مدينة عين شمس وأقام عليها برجًا سكنيًا، وعرض فيه شقق للبيع، وبالفعل أتاه الناس ودفعوا له الأموال، وفي الميعاد المحدد لتسليم الشقق السكنية لم يكتمل البرج، ومن الواضح وفق النظرة الأولى له أنه لن يكتمل، الأدهى والأمر أن الرجل مارس عمليات نصبه تلك في أكثر من برج ومكان، وله أكثر من ضحية .
وبعد أن تقدم الضحايا ورفعوا دعاوى قضائية ضده، وبلغت أحكامه 108 حكم بإجمالى حبس 121 سنة، وغرامات مالية قدرها 16,137,200 جنيه، كانت مسألة القبض عليه مسألة وقت .
وبالفعل وفي غضون أيام، تمكن المقدم باهر المشلاوي رئيس مباحث قسم شرطة عين شمس من القبض عليه، وبمواجهته بالأحكام الصادرة ضده أقر بها، وتم تحرير محضر، وأمر العميد محمد عمارة مأمور قسم عين شمس والعقيد أحمد العاصي نائب المأمور بإحالة المتهم إلى النيابة العامة .