سحر الجعارة تكتب : داعيات أم مدعيات؟
هل الحجاب بالشكل العصرى يمكن تسميته «زى شرعى».. أم أنه لم يبدأ بوازع دينى كما يُفترض وإنما بضغوط اجتماعية - اقتصادية؟.. بعيداً عن متاهة «الحلال والحرام» التى حسمها الإمام الأكبر الدكتور «أحمد الطيب»، شيخ الأزهر، مؤكداً أن (الحجاب ليس ركناً من أركان الإسلام والمرأة التى لا ترتديه ليست خارجة عن الإسلام).. يمكن القول إن الحجاب بدأ فى الإسلام للتمييز بين الأمة والحرة، وانتهى أيضاً زياً عنصرياً يُبرر التنمر على غير المحجبة، (وأحياناً يحرّض بعض الشيوخ على التحرش بالسافرة)، كما يؤدى إلى إيذاء «الآخر» أى المرأة المختلفة دينياً عن الأغلبية!
لم تكن الإعلامية «كريمان حمزة» بعيدة عن النشر الممنهج للحجاب عبر تليفزيون الدولة فى الثمانينات، وقتها كان الترويج لصنع الإيشاربات مجرد «شو إعلامى» ولم يتصور أحد أنه سينتهى إلى استعراض قوى لحجم التيار السلفى بهذا «الزى».
كانت الأستاذة «كريمان» بمثابة أمى الروحية، لم أنتبه كثيراً وهى تدافع عن توظيف الأموال فى أحد كتبها، ولا لزواجها من المهندس «كمال» الذى قضى شبابه فى السجن بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين.. على العكس مما يتصور البعض أحببتهما معاً(!!) وكانت تروج لفكرة أن الإخوان فصيل وطنى معتدل.. حتى جاءت جنازة زوجها (عقب ثورة يناير 2011) وفوجئت بقيادات الإخوان فى العزاء.. إلى هنا وخيوط المؤامرة لم تنكشف، حتى صعدت «ماما كريمان» إلى منصة «رابعة» فى الاعتصام المسلح لتخطب، كتبت أرجوها العودة، ثم انقطعت صلتها بى وبالحياة.
الأداة الأهم فى الترويج لاستخدام هذا الزى فى الدعاية السياسية للجماعات الدينية المتشددة كان «حجاب الفنانات» باعتبارهن القناة الأكثر ذيوعاً وفاعلية فى نشر الموضة، وقد أفردت لهن الصحافة أغلفتها، فكان فى ذلك دعاية مباشرة للعديد من نجوم الدعوة، على رأسهم «عمر عبدالكافى وياسين رشدى».. أليس غريباً أن هذين الاسمين وقفا خلف اعتزال الفنانات وتحريم الفن، وكانا ضيفى «كريمان حمزة» حتى تم منعهما بعد حملة قادها الكاتب الراحل «وحيد حامد»!!.
تزامن تغيير نمط حياة المصريين مع فتح بيزنس هائل لملابس المحجبات، وظهور الدعاة الجدد بمظهرهم الخادع: (البِدل السينييه، وندوات المجتمعات المخملية، وغزو الفضائيات)!.
وقتها تردد أن هناك نجماً شهيراً هو وزوجته يموّلان حجاب الفنانات من بعض الكيانات المتأسلمة التى أرادت استعراض قوتها فى الشارع المصرى بأن يكون الحجاب عنوانها فى كل مكان حتى الشاشة!
وسواء كانت فكرة التمويل حقيقة أم كذباً، رأينا أن مَن ارتدت الحجاب بعد سنوات من الرقص والعُرى وخلافه(!!) تظهر فى دور داعية إسلامية، لتلقن نساء الطبقة الثرية فقط دروساً فى الدين، وتتقمص دور الداعية وهى تروِّج لبيع العباءات فى الخليج (سهير البابلى فعلت هذا فى برنامج د. هالة سرحان)، ورغم ضحالة فكرهن وجهلهن بالدين رفعن شعار الحديث الشريف «بلِّغوا عنى ولو آية».. ليفرضن وجودهن بعد إعادة الصياغة.. فيبرأن من فلوس الفن لأنها حرام.. والراقصات يسألن المشايخ: ماذا يفعلن فى بدل الرقص؟ وهل يجوز التبرع بها؟!
تقول الدكتورة «دلال البرزى» فى دراسة لها بعنوان «شىء من العبور إلى شتات أزمان ضائعة»: (إن الحجاب على طريقة رئيسة الوزراء الراحلة «بنازير بوتو» يعكس توق لابساته إلى التماثل مع شكل من أشكال السلطة، فيكنّ بذلك قد حجبن العورة وكشفن ما هو أعظم)!.. كيف أصبح الحجاب نقطة التقاء الشهرة بالثروة ببطلات قصص الحب؟.. كيف أصبح دعاية انتخابية وفتاوى إنترنتية لغسيل أموال الإخوان والتكفيريين؟ نلتقى ثانية.