د. حبيبة محمدي: فى أكتوبر.. أسقطوا عنَّا جوازَ السَّفر!
كلّما جاءَ «أكتوبر» انتفضَ قلبى فخرًا بالنصرِ، وبالوحدةِ العربية، بكلِّ قيمها التاريخية، الإنسانية والجمالية!. أحلمُ ككلِّ مواطنٍ عربى بتأشيرةٍ موحدة، وقد كَتبَ قبلى، شاعرنا الكبير «محمود درويش»: «أسقطوا عنِّى جوازَ السَّفر»! لتكن تأشيرة الدخول إلى أى وطنٍ عربى هى هويّته العربية، فحسب. أسقطوا عنا «الفيزا»!/ أسقطوا عنا جوازَ السَّفر.
الأدباءُ والفنانون والمبدعون كالعصافير تُحلِّق دون رخصةِ سفر، إنَّهم طيورُ الحرية، فالأفكارُ تتنقل وتَصِلُ قبل النَّاس.. أحلمُ بعملةٍ موحدة، أشترى بها «فول وطعمية»، مثلما أشترى بها «كسكسى»!.
أحلمُ، كما يوحدنا الدين، وتوحدنا الهوية واللغة، أن تجمعَنا سياساتٌ قائمة على كرامةِ المواطن العربى، فيما يخصّ الاقتصاد والمعيشة والعلاج والدواء والإعانة، تنشد العيشَ الكريم والحياة الحرّة!.
أحلم بإعلامٍ عربى مشترك، حيث نوحد توجهاتنا تجاه الأعداء الذين يريدون تفرقتنا! إعلام يعمل على حفظ تراثنا الحضارى الفنى والثقافى المشترك، ويحفظ تاريخنا المشترك وذاكرتنا الجماعية الواحدة، ويعمل على الارتقاء بالإنسانِ العربى، كلٌّ فى مجتمعه، لكن بالأصالة والقيم نفسِها التى تتشابه فى كلِّ بلدٍ عربى، وترسيخ قيم إعلامية تخدم العقلَ العربى، وتعمل على تنويره والارتقاء به، كما تساهم فى المحافظة على حضارتنا وبناء معالم حضارة عصرية ومعاصرة تواكب كلَّ تطور وكلَّ جديد فى العالم، لنكونَ مجتمعاتٍ أصيلةً ومعاصرةً فى آنٍ، وبامتياز. ((كلُّ العصافيرِ التى لاحقتْ/ كفّى على بابِ المطارِ البعيد
كلُّ حقولِ القمح/ كلُّ السجونِ،
كلُّ القبور البيض/ كلُّ الحدودِ،
كلُّ المناديل التى لوحتْ/ كلُّ العيونِ
كانتْ معى، لكنَّهم/ قد أسقطوها من جوازِ السَّفر!
عارٍ من الاسم، من الانتماءْ/ فى تربةٍ ربَّيتُها باليدينْ
أيوبُ صاحَ اليوم ملء السماء/ لا تجعلونى عبرةً مرتين!
يا سادتى! يا سادتى الأنبياء/ لا تسألوا الأشجارَ عن اسمها
لا تسألوا الوديان عن أُمِّها/ من جبهتى ينشقُّ سيفُ الضياء
ومن يدى ينبع ماءُ النهر/ كلُّ قلوبِ النَّاسِ... جنسيتى فلتُسقطوا عنِّى جوازَ السَّفر!)).
فى «أكتوبر»، حاربتْ جيوشٌ عربية كبيرة مع الجيش المصرى العظيم، على رأسها الجيش الجزائرى العظيم، الذى شارك فى حرب «السادس من أكتوبر» وحروب أخرى، دماءٌ زكيةٌ لجنود جزائريين روتْ أرضَ سيناء الطاهرة بمصرَ الغالية. نَحنُ شركاء فى الدم والتراب، وفى ذكرى نصر أكتوبر المجيد أنحنى إجلالًا كمواطنةٍ عربيّةٍ إلى أرواحِ الشهداء المصريةِ، الجزائريةِ، والعربية..
وكم أتمنى أن نبقى أوفياءَ لعروبتنا!.. فما أحوجَنا الآن- أكثر من أى وقتٍ مضى- إلى وحدتِنا العربية!! أخيرًا، أصدقائى فى «مصرَ» الحبيبة، كلِّها: لى رجاء، أن تضعوا على قبر الجندى المجهول أكاليلَ ورودٍ باسمى المكتوبِ من عِطْرِ محبّتِكم!.