والدة «تلميذ مدرسة أكتوبر»: ابني راح بـ«المريلة» رجعلي في كفن
سماح» أوصلت طفليها «ياسر» و«آدم»- بالصف الثاني الابتدائي- للمدرسة، صباح الأربعاء الماضي، وفي طريق عودتها للمنزل تلقت اتصالاً: «إلحقي ياسر مضروب وفي المستشفى».
القلق أكل قلب الأم، كانت تحدث نفسها طيلة الطريق للمدرسة: «معقول إيه اللي حصل؟، الولد لسه داخل من الطابور على الفصل!».
لو حد فيكم قال حاجة هيترفد
مُدرس الرياضيات أخفى على والدة «ياسر» اعتداء زميله «يوسف» عليه بالضرب، وقال لها: «ابنك أغمى عليه»، ثم هدد التلاميذ بلهجة حازمةً: «لو حد فيكم قال حاجة هيترفد من المدرسة».
لكنّ إحدى المُدرسات أخبرت الطفل «آدم» بالخبر وأفزعته: «أخوك ياسر مات»، تحكي والدة الضحية باكيةً: «ابني الصغير مرعوب من ساعتها، وعمري ما هوديه المدرسة تاني، خايفة يلقى نفس مصير أخوه».
تحركت الأم إلى المستشفى، وسط انهيار تام شاهدت ابنها «ياسر» جثة داخل ثلاجة حفظ الموتى، لم تتمالك نفسها: «يا حبيبي لسه سايباك من 4 دقايق، طلعت من الطابور على الفصل، خرجت بمريلة هترجع بالكفن، ملحقتش الحصة الأولى تبدأ مجرد دقايق».
تلميذة تخبر الأم بكل شيء
«سماح»، وهي تحتضن جسد الابن، وتقبل كل أنحائه، استخرجت من فمه بقايا ساندويتش كان يقضمه، تقول بحزنٍ: «زميله يوسف ضربه على خوانة وكان بيأكل، الأكل انحشر في زوره ونفسه اتكتم ومات».
ظلت الأم تجهل تفاصيل الواقعة، حتى حضر التلاميذ يقدمون العزاء في زميلهم الضحية، إحدى التلميذات قالت لأم «ياسر»: «يا طنط يوسف كان بيتخانق مع ياسر من أول الطابور، ولما طلعنا الفصل يوسف ضربه وهو بياكل».
حدثت الواقعة، بينما كان مُدرس الحصة الأولى يطلب من التلاميذ: «كل واحد يطلع أكله ويتفضل ياكله»، وخرج من الفصل يتحدث مع زملائه، وعاد على أصوات صراخ الطلاب وفزعهم بعدما سقط «ياسر» أرضًا، إثر اعتداء زميله عليه بضربة على الرقبة.
الأم تحتضن ملابس ابنها وتتذكر تنبؤه بوفاته
الأم المكلومة تحتضن ملابس ابنها وأدواته وشنطته التي اختارتها له بعنايةٍ: «اشتريت له هدوم المدرسة اللي عاوزها وشنطة كانت جميلة قوي»، تضيف: «ابني كان ترتيبه الثالث من بين أبنائي، بس كان الأقرب والأحن، سرنا كله مع بعض».
«ياسر» كان يُحدث والدته قبل أيام عن الموت، ويسألها: «يا ماما لما نموت إيه اللى بيحصل؟!»، كانت تحتضنه وتضمه إلى صدرها وتربت عليه: «يا حبيبى الكلام دا أكبر من سنك»، تقول وسط دموعها: «بعد كلامه دا ابنى مات كأنه كان بيودعنى».
وكان التلميذ مسرورًا لقدوم العام الدراسى، ويقول لأمه: «يا ماما هشوف أصحابى»، ويوم مقتله طالب والدته: «عاوز ساندويتشات زيادة علشان صحابى»، وبعد قتله تؤكد الأم: «ابنى كان حنين وبيسمع كلام الكبير والصغير، وعمرنا ما شوفنا منه مشكلة».
حقيقة الصراع على التختة الأولى
تُردد أن خلاف التلميذين المتهم والضحية سبب صراعهما على الجلوس بـ«التختة» الأولى، لكن أسرة «الأخير»، قالت: «ياسر كان قاعد في الديسك التالت».
يحكي «على»، الشقيق الأكبر للضحة، أن أخاه كان محبوبًا «كل الناس بكته، وأخويا كان بيحب مرهف الحس ويحب أصدقاءه».
المدرسة محل الواقعة رفضت التعليق، بينما استعانت النيابة العامة بشهادة تلميذين، وقررت تشريح جثمان الضحية للوقوف على أسباب الوفاة، ضمن إجراءات اتخذتها بشأن تحقيقاتها.