سنحترم حقوقها.. تصريح غريب عن النساء من طالبان
اصدرت حركة طالبان، اليوم، "عفوا عاما" عن كل موظفي الدولة في أفغانستان داعية إياهم إلى معاودة العمل، كما حثت النساء على الإنضمام إلى الحكومة، وذلك بعد يومين على استيلائها على السلطة في أفغانستان إثر هجوم خاطف، فيما استؤنفت في ساعة مبكرة صباح اليوم الرحلات الجوية العسكرية لإجلاء الدبلوماسيين والمدنيين، وذلك بعد إخلاء مدرج مطار كابول من الآلاف الذين كانوا يسعون للفرار بعد سيطرة طالبان على العاصمة.
وقالت حركة طالبان في بيان لها: "صدر عفو عام عن الجميع، لذا يمكنكم معاودة حياتكم الطبيعية بثقة تامة".
وشدد المسؤول في طالبان، إنعام الله سمنجاني، خلال تصريحات بثها التلفزيون الأفغاني الحكومي، على أن "الإمارة الإسلامية لا تريد أن تكون النساء ضحايا، يجب أن تكون في الهيكل الحكومي وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية".
وأضاف: "هيكل الحكومة ليس واضحا تماما، ولكن بناء على الخبرة، يجب أن تكون هناك قيادة إسلامية كاملة وينبغي على جميع الأطراف الانضمام إلى الحكومة".
كما صرح مسؤول أخر في طالبان أن الحركة طالبت مقاتليها بضرورة الانضباط التام في العاصمة كابول، مضيفا: "وجهنا أوامر لأعضاء الحركة بعدم دخول مباني السفارات الخالية في كابول، وفقا لقناة "الشرق" السعودية.
وأشارت وكالة رويترز إلى أن الحركة سعت لإظهار وجه أكثر اعتدالا، وتعهدت باحترام حقوق المرأة، وحماية الأجانب والأفغان على السواء. لكن كثيرا من الأفغان يخشون أن تعود طالبان لممارساتها القاسية السابقة المتصلة بفرضها أحكام الشريعة. ففي فترة حكم الحركة بين عامي 1996 و2001 لم يكن يُسمح للنساء بالعمل، وكانت الحركة تطبق عقوبات مثل الرجم والجلد والشنق.
في غضون ذلك، أعلن مسؤول أمني غربي في مطار العاصمة الأفغانية كابول لرويترز أن الرحلات الجوية العسكرية لإجلاء الدبلوماسيين والمدنيين من أفغانستان بدأت في الإقلاع صباح اليوم.
وأفاد المسؤول بأن مدرج المطار، الذي كان يعج بآلاف من المستميتين على الهرب من العاصمة، بات خاليا من الحشود. وكانت القوات الأمريكية، المسؤولة عن المطار، قد جمدت مؤقتا رحلات الإجلاء بسبب الفوضى.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أمس مشاهد فوضى عارمة في المطار حيث يحتشد الآلاف على المدرج نفسه فيما تتمسك مجموعات من الشباب بسلالم الصعود إلى الطائرات.
وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أن هناك حاليا حوالي 2500 جندي أمريكي في كابول يساعدون في تنظيم إجلاء آلاف الأمريكيين والأفغان الذين عملوا معهم مترجمين وفي وظائف أخرى.
من جانبها، قالت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورانس بارلي، اليون ، إن أول طائرة عسكرية فرنسية تنقل فرنسيين تم إجلاؤهم من أفغانستان هبطت الليلة الماضية في أبوظبي، وأضافت أن بلادها تعمل على تسيير مزيد من الرحلات إلى خارج أفغانستان.
بدورها، قالت وزارة الخارجية اليابانية في بيان إن اليابان أغلقت سفارتها في كابول بسبب تدهور الوضع الأمني في أفغانستان، مضيفة أن آخر مجموعة من العاملين بالسفارة غادرت البلاد.
وأضاف البيان أن الوزارة تقوم بنقل مهام السفارة إلى مكتب في إسطنبول. وتابع "تم نقل آخر اثني عشر فرداً من العاملين بالسفارة من مطار كابول إلى دبي على متن رحلة عسكرية وفّرها بلد صديق".
بدوره، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الهندية في نيودلهي، اليوم، أن مسؤولين في السفارة الهندية بالعاصمة الأفغانية كابول، بينهم السفير يتم إجلاؤهم من المدينة.
وقال المتحدث أريندام باجتشي على موقع التدوينات القصيرة "تويتر" إنه "في ضوء الظروف السائدة، اتُخذ قرار بنقل سفيرنا في كابول وموظفيه الهنود إلى الهند على الفور".
إلى ذلك، كشف السفير الروسي لدى أفغانستان دميتري جيرنوف عن انطباعاته للساعات الأولى بعد سيطرة حركة "طالبان" على كابول، مشيرا إلى حالة من الهدوء في المدينة.
وقال السفير في تصريحات صحفية: "جاءنا عناصر من "طالبان" مدججون بالسلاح هذا الصباح، وانتشروا في محيط السفارة حتى لا يتسلل إليها أي مجنون"، وفقا لموقع "روسيا اليوم" الإخباري.
وتابع: "الحياة عادت إلى مجراها الطبيعي في المدينة. بدأت المدارس بالعمل، حتى مدارس للبنات. حاول الغرب تخويفنا من أن أنصار "طالبان" سيأكلون النساء. لم يأكلوهن، وإنما فتحوا مدارس للفتيات".
وأشار جيرنوف إلى أنه يخطط للقيام بجولة في جميع أنحاء المدينة برفقة عناصر من "طالبان" ليرى كل شيء"، مضيفا أن "طالبان" اقترحت اختيار أي مسار تريده السفارة لتلك الجولة.
وحسب السفير الروسي، فإن "المدينة أصبحت هادئة بشكل غير عادي.. ليس هناك انفجارات ولا إطلاق نار ولا أي شي من هذا القبيل. بات الهدوء يسود الموقف".
واعتبر جيرنوف أن مقاتلي "طالبان" الذين سيطروا على كابول دخلوها كـ"أصحاب" وليس كمحتلين، وقال إن أفراد مجموعاتهم الأولى عند دخول كابول ركعوا وقبلوا أرض المدينة. وأضاف: "الغزاة لا يفعلون هكذا، هم يقدمون على النهب والسطو، لكن لم يحدث شيء من ذلك. وآمل بأن يستمر الأمر على هذا النحو لاحقا".
وفي واشنطن، أكدت الولايات المتحدة أنها لن تعترف بأي حكومة تقودها حركة طالبان في أفغانستان إلا إذا احترمت الحركة حقوق النساء ورفضت توفير ملاذ للإرهابيين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحفيين، إنه "فيما يتعلق بموقفنا من أي حكومة مقبلة في أفغانستان، فإنه رهن بسلوك هذه الحكومة. إنه رهن بسلوك طالبان".
وأضاف أن الولايات المتّحدة تشترط للتعامل مع الحكومة الأفغانية المقبلة "أن تحافظ هذه الحكومة على الحقوق الأساسية لشعبها بمن فيهم نصف شعبها - أي الزوجات والبنات - وألا توفر ملاذاً للإرهابيين".
ولفت المتحدث إلى أن المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد لا يزال في قطر حيث تجري الولايات المتحدة منذ أشهر محادثات مع طالبان، مؤكداً استمرار المحادثات بين مسؤولين من حركة طالبان وآخرين أمريكيين. وتابع: "أود أن أقول إن بعض هذه المحادثات كان بنّاءً".
من جهته، أعرب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن عن شعوره والسيدة الأولى السابقة لورا بوش "بحزن عميق" من تطور الأحداث في أفغانستان.
وقال بوش الابن في بيان: "نشاهد أنا ولورا تطور الأحداث المأساوية في أفغانستان بحزن عميق. قلوبنا مع الشعب الأفغاني الذي عانى الكثير، ومع الأمريكيين والشركاء من حلف شمال الأطلسي، الذين ضحوا بالكثير".
وفي بكين، انتقد وزير الخارجية الصيني وانج يي، اليوم، الولايات المتحدة بسبب " الانسحاب السريع لقواتها " من أفغانستان، وذلك في مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.
وقالت الوزارة في بيان:" أوضح وانج يي موقف الصين من الوضع في أفغانستان، حيث قال إن الحقائق أثبتت مجدداً أن من الصعب اكتساب موطئ قدم بتطبيق نماذج أجنبية في دول لديها تاريخ وثقافة وظروف وطنية مختلفة تماما"، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.
وأكد أن "حل المشاكل بالقوة والأساليب العسكرية سيزيد فقط من المشاكل، الدروس المستخلصة، تستحق دراسة جادة".
وشدد الوزير على أن الصين على استعداد للتواصل وإجراء حوار مع الولايات المتحدة الأمريكية لضمان انتقال سلس في أفغانستان، ومنع اندلاع حرب أهلية جديدة، وكارثة إنسانية، موضحا أنه يجب تشجيع أفغانستان على إقامة نظام سياسي منفتح وشامل، يتوافق مع الظروف القومية لأفغانستان