طارق حجي يكتب : هوامش على دفتر الإنتخابات الأمريكية


(2) لم يجد جو بايدن حديثاً يتقرب به ل "أهواءِ" الناخبين المسلمين إلَّا الحديث الذى ينسف فكرةَ الدولةِ الحديثةِ وفكرة القانون كما تطورت مع تطورِ الفكرِ الإنساني. وهو الحديث الذى رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري والذى يتيح لكل مسلمٍ إن رأي "منكراً" أن يغيره بنفسِه. وهذا هو نص الحديث كما أورده مسلم : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان). وهذا الحديث هو "ضربة قاصمة" كما ذكرت لفكرتي "الدولة" و "القانون". فكلُ إنسانٍ سيكون هو المرجع لمسألةِ تعريفِ ما هو المنكر. وقد أري أنا فعلاً معيناً ك "منكر" ولا يراه غيري كذلك. وأنا حينما أقوم بتغييرِ المنكرِ بيدي أكون قد نسفت مبدأ أن الدولةَ هى التى تنفذ القانون. وطبعاً ، فكرة الدولة ذاتها لم تكن معروفةً لبدو الجزيرة العربية وقتما بدأت أجيال المسلمين الأوائل ينقلون هذا الحديث. ويُضاف لكلِ أشكالِ النسفِ لفكرتي القانون والدولة التى ذكرتُها أن طريقةَ تغييرِ "السيد أ" للمنكر قد لا تضاهي طريقة تغيير "السيد ب" لنفس المنكر. والغريبة أن مستشاري جو بايدن لم يوضحوا له أن كلَ هذه الأمور تدخل ضمن أشكالِ المنكرِ : ملابس زوجته ، كل المحلات التى تبيع المشروبات الروحية فى الولايات الأمريكية ، الرقص ومسارحه ، وأشياء أخري عديدة يستميت الديموقراطيون فى الدفاع عنها مثل حقوق المثليين. ويبقي أن أُكررُ مقولةً قالها سقراط منذ 25 قرناً : لقد أدارت السياسةُ ظهرَها للأخلاقِ منذ وجدت السياسة.
(3) من الصواب أن أقول أنه فى الولاياتِ المتحدة فإن المهاجرين من خلفياتٍ غير أوروبية ، وأصحاب البشرةِ السمراءِ ، واليهود هم من يكونون "اليسار الأمريكي" والذى (بدون تعميم) يصوت للحزبِ الديموقراطي. أما اليمين (بأجنحتِه الثلاثة : يمين اليمين ، اليمين الوسط ، يسار اليمين) فيشمل أحفادَ معظم المهاجرين الأوروبيين القدامي الذين أسسوا الولايات المتحدة. وهؤلاء (وأيضاً بدون تعميمٍ) يصوتون للحزبِ الديموقراطي. وبديهي ، أن أعدادَ اليساريين تزداد بمعدلٍ أعلي من أعدادِ اليمينيين. وبينما يحق وصف مجيء أوباما للحكمِ فى يناير 2009 بأكبر إنتصارِ لليسارِ ، فأن مجيء ترامپ مباشرةً بعد أوباما هو النصرُ المماثل والمعادل لليمين. وبتبسيطٍ شديدٍ ، فإن ما حدث يوم دخول ترامپ للبيتِ الأبيضِ يكاد يمثل هذه الكلمات على لسان اليمين الأمريكي : جئتم بمن يمثل الأمريكيين من أصول أفريقيا ، فأحضرنا لكم أكثر ممثلي البشرة البيضاء والعيون الزرقاء وضوحاً. وبعد أقل من أسبوعين من اليوم ستراقب البشرية جولةً أخري من جولاتِ هذه "المباراة" ! ومما يؤسف له أن حظوظَ الإسلامِ السياسي وبالذاتِ جماعة الإخوانِ هى مع جماعة باراك حسين أوباما.