زينب البديوي تكتب: ارتفاع معدل الجرائم ضد الأطفال في تونس.. الحقيقة المؤلمة والسبل الممكنة للحد من الظاهرة


في السنوات الأخيرة، أصبحت الجرائم ضد الأطفال في تونس تشكل تهديدًا حقيقيًا للمجتمع بأسره، فقد شهدت البلاد ارتفاعًا ملحوظًا في حالات العنف الجسدي، والاستغلال الجنسي، والعنف الأسري الذي يتعرض له الأطفال.
هذه الظاهرة المؤلمة تُظهر بوضوح الفجوة الموجودة في حماية الأطفال وتحتاج إلى معالجة عاجلة على جميع الأصعدة.
أرقام مقلقة... والواقع أكثر تعقيدًا
اقرأ أيضاً
المجلس القومي للطفولة يرسم خارطة المستقبل، خطط طموحة لحماية الأطفال
تعزيز صحة العظام عند الأطفال.. دليلك الشامل للوقاية من الكسور
الاهتمام بشعر الأطفال.. نصائح هامة للأمهات
وجبات آمنة ولذيذة، أفكار إبداعية لتغذية الأطفال المصابين بحساسية الطعام
التعاون النسائي: دراسة تكشف عن تأثير سكر الحمل على نمو الأطفال العصبي
حماية عيون الأطفال في الربيع.. 13 خطوة للوقاية من الحساسية
تعزيز صحة عظام الأطفال.. حلول عملية لتجنب الكسور والإصابات
إنجازات مصرية بكأس العالم لتنس الطاولة بالصين.. دينا مشرف تهزم لاعبة هونج كونج
خلع الحذاء عند الباب.. عادة بسيطة قد تنقذ حياتك
5 طرق للوقاية من ضربات الشمس والجفاف عند الأطفال
نصائح سحرية لاختيار غرف نوم الأطفال التوائم
حقيقة ”سيدة النقاب” وخطف الأطفال في أسيوط.. مفاجأة غير متوقعة تكشفها الداخلية
تشير التقارير الصادرة عن وزارة المرأة والأسرة والطفولة إلى أن الجرائم ضد الأطفال شهدت زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة. ففي عام2023 وحده، سجلت البلاد أكثر من 500 حالة اعتداء جنسي ضد الأطفال، إضافة إلى العديد من حالات العنف الجسدي والعمالة القسرية.
كما ظهرت بعض الحالات في سنة 2025 مع بداية السنة حالات شاذة تدعوا للقلق على حياة اطفالنا وهي ظاهرة اختطاف الأطفال واغتصابهم وقتلهم من أشخاص اقرباء لذالك هذا المشكل يدعوا للقلق .
وبالتالي فإن هذه الأرقام ، وإن كانت صادمة، لا تعكس الواقع بالكامل، إذ أن العديد من الحوادث لا يتم الإبلاغ عنها بسبب الخوف من الفضيحة أو نقص الوعي حول حقوق الأطفال.
علاوة على ذلك، تصاعدت الحوادث التي تشمل التعرض للقتل ولا إيذاء البدني الشديد للأطفال، وهو ما أثار حالة من الغضب العام وأدى إلى مطالبات متزايدة بمراجعة القوانين والآليات المعتمدة في حماية حقوق الأطفال.
أسباب الظاهرة: بيئة اجتماعية غير مستقرة
تتعدد أسباب ارتفاع الجرائم ضد الأطفال في تونس، وتكمن في عدة جوانب اجتماعية واقتصادية. الفقر والبطالة تعد من أبرز العوامل التي تتفاقم هذه المشكلة، حيث تعيش العديد من الأسر في بيئات فقيرة أو مفككة تؤدي إلى إهمال الأطفال في رعاية أساسية مثل التعليم والرعاية النفسية. هذه البيئات تساهم في تعرض الأطفال لانتهاكات جسدية أو جنسية، إذ يصبح هؤلاء الأطفال أكثر عرضة للاستغلال من قبل أطراف خارجية.
من ناحية أخرى، يرى بعض المختصين أن التفكك الأسري والضغوط النفسية على الآباء والأمهات تشكل عاملا مساعدًا في زيادة معدلات العنف ضد الأطفال.
في بعض الحالات، يتعرض الأطفال في الأسر المفككة إلى إهمال أو حتى عنف جسدي ونفسي.
إلا أن هؤلاء الأطفال يصبحون في الكثير من الأحيان عرضة لأن يكونوا ضحايا للأعمال الإجرامية أو الاستغلالية.
التحديات التشريعية: غياب التطبيق الفعلي للقوانين
رغم أن تونس تمتلك قوانين متقدمة لحماية الأطفال، إلا أن تطبيق هذه القوانين يعاني من عدة مشاكل. من أبرز هذه المشاكل نقص الموارد في بعض المناطق، مثل نقص الكوادر المتخصصة في حماية الطفل أو الإبلاغ عن الجرائم التي تتعلق بهم. كما أن الوعي المجتمعي حول حقوق الأطفال في بعض المناطق لا يزال ضعيفا، مما يجعل الكثير من الحوادث تمر دون محاسبة أو تدخل من السلطات.
من هنا، يصبح من الضروري تعزيز جهود الدولة والمجتمع المدني لتفعيل آليات الحماية وتعزيز التنسيق بين المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الحكومية.
وتشير بعض الدراسات إلى أن التحسين في التدريب والموارد البشرية في المؤسسات المختصة سيكون له أثر كبير في تعزيز قدرة النظام على التعامل مع هذه الحالات بشكل فعال.
أما عن السبل الممكنة للحد من الظاهرة
لمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة، يجب أن تتضافر جهود الدولة والمجتمع المدني في سبيل ضمان سلامة الأطفال. يتطلب هذا أولا تعزيز القوانين الخاصة بحماية الطفل وتطبيقها بشكل أكثر صرامة. يجب أن تكون هناك رقابة أكبر على المدارس والمراكز الاجتماعية لضمان أن الأطفال يعيشون في بيئة آمنة مبنية على الرعاية والاحترام.
إلى جانب ذلك، من الضروري توفير الدعم النفسي للأطفال الضحايا وتقديم المساعدة القانونية لهم لمواجهة التحديات النفسية والحقوقية التي قد يواجهونها.
التوعية المجتمعية تظل أيضًا جزءًا أساسيًا من الحل، حيث يجب أن يتم تعليم الأمهات والآباء كيفية التعامل مع أبنائهم بطريقة سليمة بعيدًا عن العنف.
من جانب آخر، لا بد من تكثيف المراقبة المجتمعية، حيث يجب على الأسرة والمجتمع المحلي أن يكون لديهم دور فعال في رصد أي حالات تسيء للأطفال ورفعها للسلطات المختصة. كما يتعين على الشرطة والمحاكم العمل بشكل أسرع في التحقيق في مثل هذه الحالات، مع توفير الدعم اللازم للأطفال المتضررين.
في الاخير: مسؤولية جماعية لحماية الطفولة
إن حماية الأطفال في تونس ليست مسؤولية فردية أو مسؤولية الحكومة وحدها، بل هي مسؤولية جميع أفراد المجتمع.
كل فرد في المجتمع، سواء كان في المنزل أو المدرسة أو الحي، يجب أن يتحمل دوره في حماية الطفولة وضمان أن الأطفال ينشؤون في بيئة آمنة ومستقرة.
إذا كان المجتمع التونسي يطمح لبناء مستقبل مستقر وآمن، فإنه يجب أن يكون حريصاً على توفير حماية حقيقية للأطفال، الذين هم الأمل والمستقبل لهذا البلد.
من خلال العمل المشترك وتفعيل آليات الحماية الفعالة، يمكن الحد من هذه الجرائم والمساهمة في بناء مجتمع أفضل وأكثر أمانا لأطفالنا.