الكاتب المغربي الكبير حسن بريش يبحر في الأدب النسائي المغربي


حسن بيريش :الأدب النسائي المغربي كرس نتاجا مهما...و"أنطولوجيا الكاتبة المغربية" هو الأول والأضخم من نوعه
حسن بيريش، الملقب بـ"ملك البورتريهات في المغرب"، كاتب وصحفي مغربي بارز، اشتهر بأسلوبه المميز في كتابة البورتريه الأدبي والصحافي، حيث استطاع أن يحول هذا الجنس الصحفي إلى فن تعبيري متكامل، يجمع بين العمق الإنساني، والسرد الأدبي، والتحليل النفسي، وهويُعد من أبرز الأسماء التي تركت بصمتها في الصحافة الثقافية بالمغرب، يمتلك قدرة خاصة على التقاط التفاصيل الصغيرة وتحويلها إلى لوحات نابضة بالحياة عن الشخصيات التي يكتب عنها، سواء كانت أدبية، فنية، سياسية، أو اجتماعية، وقد حاز احترام النقاد والقراء على حد سواء، لما تتميز به كتاباته من صدق، ودفء، وبلاغة سردية.
انا حوا: ما الذي جذبك إلى فن كتابة البورتريه، وكيف بدأت رحلتك في هذا المجال؟
حسن بيريش: في واقع الأمر كنت شغوفا بالكتابة التي تمتح من الدخائل، الكتابة التي ترسم الآخر من عمقه لا من سطحه، من هنا، مارست لجوئي إلى فن البورتري وأنا متهيب منه، لأنه فن عسير ومراوغ، وحين أستعيد بداياتي في ممارسة هذا الجنس الأدبي الآسر، أجدني أردد في قرارة نفسي: يا لها من رحلة كم كانت عسيرة !
انا حوا: ما هي التحديات التي واجهتها أثناء كتابة البورتريهات، وكيف تغلبت عليها؟
حسن بيريش: لم تكن هناك تحديات، بل كانت هناك رهانات رفعتها كي أحقق مبتغاي في كتابة نصوص مغايرة، لغة ورؤية، والسعي إلى تجديد هذا الجنس الأدبي على مختلف المستويات، ومع توالي تجربتي في الكتابة، كان رهاني هو أن أبدع نصوصا في مجال البورتري الأدبي غير مسبوقة، وذات أفق خاص غير معمم، لذلك حرصت في كل نص بورتري على تقديم لغة مختلفة، وإبراز سمات متنوعة، والسعي إلى تقديم الشخصيات وفق أبعاد متميزة وغير تقليدية.
انا حوا: كيف تختار الشخصيات التي تكتب عنها في بورتريهاتك؟
حسن بيريش: الشخصيات التي أكتب عنها تختارني أكثر مما أختارها أنا، ثمة شخصيات تفرض إعجابها علي فلا أملك أمامها سوى أن أحمل القلم وأكتب، ربما لقوة جاذبيتها، وربما لوفرة حضورها،المؤكد أنني لا أكتب بورتريها عن أية شخصية ما لم تخترقني من الداخل، وتستفز حبري، وتطوح بي نحو الكتابة عنها.
انا حوا: حدثنا عن كتابك "صناع التفرد: إعلاميون في الواجهة".
حسن بيريش: هذا الكتاب يضم بورتريهات عن شخصيات إعلامية مغربية سجلت حضورها البارز في بلاط صاحبة الجلالة الصحافة، كنت دوما أردد: "الصحافيون يكتبون دوما عن الآخرين، ولا أحد يكتب عنهم"، ومن هنا جاءت الفكرة وكان هذا الكتاب.
انا حوا: ما هي المعايير التي اعتمدتها لاختيار الكاتبات اللواتي تم تضمينهن في "أنطولوجيا الكاتبة المغربية"؟
حسن بيريش: لم أعتمد على معايير معينة بقدر ما اعتمدت على رهان التوثيق لأنه هو الأهم في العمل الأنطولوجي، لذلك تشكل هذه الأنطولوجيا قيمة توثيقية تحضر فيها سير من الأدب النسائي الزاخر.
انا حوا: ما هي الصعوبات التي واجهتها أثناء جمع وتوثيق سير الكاتبات المغربيات في هذا العمل الضخم؟
حسن بيريش: واجهت صعوبات كثيرة جدا وعسيرة للغاية، سواء في التواصل مع الكاتبات، أو على صعيد المادة السيرية، أو بخصوص الانتقاء، وهذا أمر طبيعي، لأن ضخامة العمل الأنطولوجي تقتضي ذلك.
انا حوا: كيف ترى تأثير "أنطولوجيا الكاتبة المغربية" على المشهد الأدبي المغربي، وخاصة فيما يتعلق بإبراز دور المرأة في الأدب؟
حسن بيريش: من الصعب أن أجيب عن هذا السؤال، لكن، يمكنني القول: إن هذا العمل هو الأول والأضخم من نوعه، بالتالي، أعتقد أنه سيلج التاريخ من هذا الاعتبار.
انا حوا: هل هناك كاتبات أو أعمال أدبية اكتشفتها أثناء إعدادك للأنطولوجيا وترى أنها تستحق المزيد من الاهتمام؟
حسن بيريش: نعم بالتأكيد، هناك تجارب إبداعية لكاتبات مغربيات تستحق التوقف طويلا أمامها لأنها متميزة للغاية، وحاملة لأفق إبداعي رائع جدا، وقد فكرت في إنجاز بورتريهات لاحقة عن هذه التجارب الإبداعية الخلاقة.
انا حوا: ما هي الرسالة التي ترغب في إيصالها من خلال هذا العمل إلى القراء والمهتمين بالأدب المغربي؟
حسن بيريش: رسالة واحدة متعددة الأبعاد هي أن الأدب النسائي المغربي كرس نتاجا مهما ورائعا يجب التوقف عنده.
انا حوا: ما هي مشاريعك المستقبلية في مجال كتابة البورتريهات أو توثيق الأدب المغربي؟
حسن بيريش: حلمان أتطلع إليهما، الأول أتمنى إنجاز الجزء الثاني من أنطولوجيا الكاتبة المغربية والثاني أتمنى أن تتاح لي الفرصة كي أنجز سلسلة بورتريهات عن رموز التصوف العربي الإسلامي.