هند الصنعاني تكتب: العالم الآخر والسقوط في الهاوية
أنا حوافي سلسلة من التصريحات الحادة وغير المسبوقة، وجه وزراء الداخلية والخارجية والعدل الفرنسيون انتقادات لاذعة للدولة "الجارة"، هذه التصريحات لم تكن مجرد تعبير عن توتر عابر، بل تُعد دليلاً واضحًا على الفشل العميق الذي ينهش في مؤسساتها، فالنظام الحاكم هناك، الذي يفتقر إلى أدنى مستويات الكفاءة السياسية والإدارية، يدفع البلاد نحو هوة من التدهور المستمر في مختلف المجالات السياسية، الدبلوماسية، الاقتصادية، والاجتماعية.
النظام القائم في هذه الدولة، المتمسك بالسلطة بكل السبل، يُظهر قصورًا تامًا في فهم قواعد الدبلوماسية الحديثة التي تتطلب مرونة وحنكة استراتيجية، وبدلاً من الانخراط في حوار بناء مع المجتمع الدولي، يعتمد هذا النظام على سياسات قمعية تقوده نحو عزلة دولية متزايدة، ما يعمّق أزماته الداخلية ويعزز الصورة السلبية له عالميًا.
على الرغم من امتلاك "الجارة" ثروات طبيعية هائلة من غاز ونفط، فإنه يفشل باستمرار في تحويل هذه الموارد إلى تنمية حقيقية تخدم الشعب، بدلًا من ذلك، تُهدر هذه الثروات بفعل سوء الإدارة والفساد، فالشعب هناك يعاني من البطالة والفقر والتهميش، بينما تركز الطبقة الحاكمة على حماية مصالحها الضيقة وتعزيز سلطتها على حساب مستقبل الوطن، واستمرار هذا النظام القمعي الذي لا يهتم إلا بمصالحه الشخصية هو السبب الرئيسي وراء الانهيار المتسارع الذي تشهده البلاد، إذ أن الإصلاح الحقيقي لن يكون ممكنًا إلا من خلال تغيير جذري يعيد السلطة إلى الشعب ويضع حدًا لهذا الحكم الاستبدادي.
فشل دبلوماسية الدولة "الجارة" يمتد أيضًا إلى محاولاتها غير المجدية للتأثير على مواقف الدول بشأن القضايا الإقليمية، مثل قضية الصحراء المغربية، على الرغم من الجهود المستمرة واللجوء إلى أساليب بالية كالضغوط والرشاوى التي يقدمها النظام لدول إفريقية عدة، إلا أن النتائج جاءت مخيبة، حيث يستمر النظام في تلقي هزائم متتالية في هذا الملف.
على الجانب الآخر، حققت الدبلوماسية المغربية نجاحات ملحوظة على الصعيد الدولي في قضية الصحراء المغربية، فإلى جانب تعزيز علاقاتها مع الدول الكبرى، نجح المغرب في توسيع دعم الدول الإفريقية لموقفه، هذا التفوق المغربي جعل "العالم الآخر" في موقف ضعيف للغاية، وكشف عن قصور دبلوماسيته التي لا تزال تعتمد على أساليب قديمة وغير فعالة.
فشل الدولة "الجارة" في إدارة ملف الصحراء المغربية يبرز كنموذج صارخ لسياسته الخارجية العاجزة، في المقابل، تُعد النجاحات المغربية شهادة على عدالة القضية وحيوية الدبلوماسية المغربية التي تجمع بين الاستراتيجية والتوازن، وإن استمرار النظام في العالم الآخر على نفس النهج لن يؤدي إلا إلى عزلة أعمق وأزمة أشد، بينما تقدم المغرب يعكس تفوق نهج سياسي ودبلوماسي حديث ومتوازن.