فتحية الدخاخني تكتب.. الهمّ واحد
أنا حواالهمّ واحد من الشرق إلى الغرب، هذا هو انطباعى الأول خلال مشاركتى فى منتدى «وصول المرأة للعدالة فى البلدان المغاربية: دراسة حالة المغرب»، الذى عقد الأسبوع الماضى فى العاصمة المغربية الرباط، فلم تختلف الحواجز التى تعوق وصول المرأة للعدالة من المغرب إلى الجزائر، فتونس، وموريتانيا، ومصر، ولبنان، فالكل يسعى لتحقيق نفس الأهداف، بدءًا من سن ترسانة تشريعية أكثر إنصافًا تتماشى مع مضامين الدساتير العربية والمعاهدات الدولية.
فيما يتعلق بالمساواة ومنع التمييز، مرورًا برفع الوعى ونشر ثقافة المساواة وحقوق الإنسان لتطبيق القوانين الحالية، التى وإن أنصفت المرأة على الورق، إلا أن القائمين على تنفيذها يحولونها إلى حبر على ورق!. على مدار ثلاثة أيام من المناقشات حول المعوقات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، كانت المسألة الأكثر جدلًا هى مدونات وقوانين الأحوال الشخصية، والتى أكد الجميع على ضرورة مراجعتها لما تتضمنه من بنود مجحفة فى حق النساء والأطفال، وهو ما يقودنى إلى النقاش الجارى حاليًّا فى مصر حول تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذى نتمنى أن يسفر عن مواد تحقق مصالح الأسرة ككل، عملًا بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى.
ووسط أحلام المشاركين فى المنتدى بتحقيق العدالة، طرحت قضية نيرة أشرف نفسها بقوة على طاولة المناقشات، ليس فقط لبشاعة الجريمة، بل لكمّ التعليقات والتبريرات التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى، ولا يمر يومان حتى نرى تكرارًا للحادث فى الأردن، وهو ما يشير إلى خلل اجتماعى، فالمرأة فى الثقافة العربية هى المسؤولة عن أخطاء البشرية، وهى الشماعة التى يعلق عليها الجميع فشلهم.
ولا يخلو التعامل الإعلامى مع هذه القضايا من أخطاء، لنرى عناوين من قبيل «مفاجأة.. ما كنتش رايحة تمتحن»، وهو ما يطرح تساؤلات متعددة حول دور الإعلام فى التوعية بقضايا المرأة، وهل تحرض وسائل الإعلام والأعمال الدرامية على العنف؟.
ليس لدىَّ إحصاءات عن أعداد الجرائم، وتنوعها، وكل ما حدث أن مواقع التواصل الاجتماعى سهلت عرضها ونشرها على نطاق واسع، فأصبحنا نعيش فى صفحة حوادث كبيرة، بسبب ركوب وسائل الإعلام الترند! وهنا أدعو نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام، والهيئات المختصة بالإعلام ورؤساء تحرير الصحف والقنوات أن يجلسوا معًا لتفعيل وثيقة أخلاقية تحدد كيفية التعامل مع السوشيال ميديا، والترند، وتغطية الجنازات، وقواعد البث المباشر، وتدريب الصحفيين على ذلك، فلقد مللنا من انتقاد أنفسنا مع كل حادث، ومن إلقاء اللوم على صحفيين ومصورين لم يعلمهم أحد أخلاقيات الإعلام الجديد.
مازال الطريق طويلًا، لكن علينا أن نحاول؛ فكل محاولة هى خطوة نحو المستقبل، وكما قال لى أحد المشاركين الأجانب فى المؤتمر «الطريق ليس سهلًا.. وتحقيق التغيير المطلوب لن يحدث بين يوم وليلة.. فالتجارب فى كل بلدان العالم تشير إلى سنوات طويلة من المحاولة والفشل».