محمد عبد الرازق يكتب.. نفحات تاريخية.. الظاهر والباطن في أبوكاليبتو
أنا حوالا يخفى على أحد روعة هذا الفيلم بممثلين مغمورين، جعلت منهم روعة الإخراج الفني السينمائي نجوما، بسبب لمسة إبداعية خلقت تشويقا في المطاردة الجسدية، لكن لماذا لم يتم تصوير المطاردة بالخيول؟ وما هي الرسالة التي دست في فيلم تاريخي برز الأسود، فقط، في حضارة المايا؟، ركز مخرج الفيلم، ميل جيبسون، في هذا الإنتاج على رسالتين.
الرسالة الأولى من الفيلم، أبرزت التأثير الديني الوثني على الشعوب، ومدى ظلامية الايديولوجيات التي عمت بصيرتهم عن الحق.
وخلال هذا القسم لم نشاهد المطاردة بالخيول، لأن في تلك الحقبة الزمنية لم تعرف حضارتي المايا والازديك الحصان إلا بعد وصول الإسبان إلى أمريكا الجنوبية مطلع القرن 15.
وأمام وصول المد الاسباني، بعث مخرج الفيلم الرسالة السياسة الثانية في مشهد ختامي لم تتجاوز مدته الدقيقة الواحدة، لكن مداها أطول وأعمق من ذلك بكثير، حينما تضمن هذا المشهد الرسالة التبشيرية المسيحية، ودور الرجل الأبيض في حملها، بوصفه ناقل للحضارة المسالمة في الأرجاء المعمورة، حيث جسدته اللقطة السلمية التي كان فيها المطارد والطريدة جنبا إلى جنب، في مشهد ساق أغلب مشاهديه إلى شط الأمان، وأنساهم حكاية قرابين الالهة المتعطشة للدماء، إذ أريد من خلاله طمس عدوان الاحتلال وتبرير وصوله.
الواقع أن الالة الاستعمارية، حينما حطت رحالها في الأراضي الأمريكية الجنوبية، ارتكبت جرائم أفضح وأكثر من ظلامية المعابد الوثنية، ومازالت تداعيتها قائمة إلى يومنا هذا، بدءا من نهب الثروات في عهد اشتهرت بلقب الماركتينية المعدنية التي قادتها إسبانيا، وصولا إلى الاستغلال الاقتصادي تحت إملاءات وشروط استقلالية، وعرق اختلط فيه النسل، في بادئ الأمر، بطريقة غير شرعية.
ورغم أن الأفلام السينمائية أصبحت وثيقة اختيارية لدى المؤرخين، لكننا تعلمنا، خلال الدراسات التاريخية بجامعة الحسن الثاني، أن وثيقة الفن السابع هي أضعف الحجج العلمية.