محمد عبد الرازق يكتب.. نفحات تاريخية.. العرب من الفينيقية إلى إفريقية
أنا حواالكثيرون يربطون بداية الرافد العربي في الشمالي الافريقي بالفتوحات الإسلامية سنة 641م، لكن ما جاد به المؤرخون والنسَّابون في مصادرهم التاريخية يكشف الغامض. فمتى كان أول مد عربي الى الجنوب المتوسطي؟ وهل كانت فتوحات العصر الوسيط الإسلامي دور في تغيير حال لسان أكثر مناطق العالم تعاقبا للأمم؟
يمكن ذكر أهم الهجرات إلى أمصار افريقيا، دون الحصر، في ثلاثة، الأولى كانت سنة 1250 قبل الميلاد خلال الفترة الفينيقية، والثانية سنة 741م إبان الفتوحات الإسلامية، والثالثة كانت سنة 1062 المتعلقة بالهجرة الهلالية.
لكن لماذا الفينقيون؟ وما علاقتهم بالعرب؟ السبب أن الفينيقيين هم من أصول عربية شامية، حيث وضعوا حجر تأسيس أبرز حضارة على ضفافي المتوسط والأطلسي، بدءا من قرطاج إلى ميكدول (الصويرة المغربية حاليا)، بعد غلبتهم التجارية الأولى على إفريقية (تونس حاليا).
وذكر الفرنسي جون مازيل في صفحة رقم 26 من كتابه (مع الفنيقيين في السعي وراء الشمس على دروب الذهب والقصدير)، حيث جاء فيها "على امتداد الشريط (....) المتوسطي، شعب عريق جذوره من الجزيرة العربية، والذي سمى نفسه الشعب الأحمر".
أما ابن خلدون، عراب الأنساب في شمال افريقيا، فذكر .."أول ملك للعرب في الشام فيما علمناه للعمالقة "، وقال أيضا.. "وكانت طسم والعماليق وأميم وجاسم يتكلمون العربية".
وذكر صاحب تاريخ الأمم والملوك، محمد الطبري "عمليق - وهو عريب، و أن عمليق أول من تكلم العربية (....)، وكلهم أمم تفرقت في البلاد، وكان أهل المشرق وأهل عمان وأهل الحجاز وأهل الشام وأهل مصر منهم؛ ومنهم كانت الجبابرة بالشام الذين يقال لهم كنعانيين".
أما أمين الريحاني فذكر في ملوك العرب، منتصف القرن 19 " ما أجمع عليه المؤرخون والاثريون أن الفنيقيين مثل العرب ساميون، بل أنهم عرب الأصل".
وجاء في كتاب الله والأثر الشريف "أن للعروبة خيمة أوفسطاط يستند على أربع أعمدة هي العراق شرقا ومصر غربا والشام شمالا والحجاز جنوبا، فإن سقطت انهارت العروبة واستبيحت أمتها وبأن ذلك الأمر الجلل سيتم على أعتاب الساعة وهو المقصود بألف ولا"، وكل ماسيلي سيكون بمثابة الارتدادات لذلك الحدث والذي سيفضي لنهاية الأرض والحياة لولا رحمة الله بعباده وأمته.
وأختتم بما قاله المؤرخ المغربي، أحمد العلوي، بأن العروبة كانت قبل عقبة نافع، مضيفا، أيضا، أن العرب لم يدخلوا إلى تركيا وإيران وغيرها من الأقطار التي أسلمت دون أن تعرب، بل قصدوا شمال افريقيا لأنها عربية على حد قوله.