فاطمة عمر تكتب.. تذاكر يا هانم
أنا حوافي أحد شوارع محافظتي التي ذهبت إليها في إجازة قصيره كنت أسير وابني الصغير .. فوجدنا سيدة مسنة كفيفه وابنها ينامان في الشارع تراهما في نفس المكان وفي أي وقت من الليل أو النهار يتوسد كل منهما ذراعه ويلتحف جلبابه الذي لا يتغير...مشهد لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أراه فيها وأعتقد انها لن تكون الأخيره.
عدت الى البيت وبعد أن فرغت من أداء بعض مهامي جلست لأتابع الأخبار عبر بعض المواقع الخبريه المصريه حتى لا يخرج علينا أحدهم مشككاً في مصداقية الخبر.
فوجدت خبراً عن حفل لأحد نجوم الغناء وتحته قائمة بأسعار التذاكر ..أسرعت الى نظارة القراءه لتنقذني من دهشتي واستغرابي من تلك الأرقام التي رأيتها وليتني لم أفعل فقد أكدت لي أن ما قرأته من أرقام صحيح فزادت دهشتي ووصل استغرابي الى حد الأستفزاز.
جلست ومعي ألة حاسبه وأخذت أضرب أخماس في أسداس كي أعرف كم يساوي راتبي بعد قرابة سبعة وعشرين عاما من العمل بجدية وحب أمام ثمن إحدى هذه التذاكر فوجدته لا يساوي شيئاً وجدت أن مجموع سنة كامله من راتبي لايجرؤ أن يصل حتى الى ثلثي ثمن تذكرة في هذا الحفل لهذا المطرب ولكنه وبكل فخر خمسة أشهرمنه تقارب ثمن تذكرة حفل لمطرب آخر.
وجدت أن راتبي هذا الذي ألوم ضعفه ووهنه وزيادته التي تسير ببطء السلحفاه ومع كل محاولتي الفاشله لأن أجعله يكفي حتى العشر الأُول من الشهر مطلوب مني أن أجعله كافيا حتى نهاية الشهر ولست وحدي في هذا المأزق بحسب ظني.
أنا لست ضد أن يستمتع دافعوا ثمن هذه التذاكر بحياتهم فهذا حقهم بكل تأكيد ما داموا قادرين على ذلك..ولكن كيف سيكون حال البسطاء من أهلنا وهم يسمعون هذه الارقام في الوقت الذي يكدون ليل نهار لتوفير قوت يومهم والتزامات ومتطلبات أسرهم البسيطه ومحاولة تحقيق جزء من أحلامهم المؤجله ؟!.
وجدتني أقارن بين اسعار تذاكر هذه الحفلات وبين سعر تذكرة مسرحية لمطرب كبير من جيل المبدعين تعرض على احد مسارح الدوله تقدم بلا دعاية أوإنفاق تستحقه.
وجدتني أسأل نفسي ماذا لو كانت أم كلثوم تقدم حفلا في ايامنا هذه أو العندليب أو اي مطرب ومطربه من جيل العظماء كم سيكون سعر التذكره ومن سيحضر الحفل وماذا سيرتدي؟!!.
إن الفرق بين اسعار هذه التذاكر وتلك السيدة وابنها اللذين يسكنان الشارع يذكرني بإعلانات شهر رمضان التي تجمع بين التسول والدموع الحاره من أجل الفقراء وأسعار فلل الكبموندات ذات الستة أصفار.