الطفل الفقير ماسح الأحذية الذي أصبح رئيسًا للبرازيل بسبب أمه.. تفاصيل
أنا حوا أنا حوااستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بقصر الاتحادية الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا الذي يقوم بزيارة لمصر تتزامن مع مرور ١٠٠ عام على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، كما أجريت مراسم استقبال رسمية لرئيس البرازيل، حيث عزفت الموسيقى السلامين الجمهوريين لمصر والبرازيل كما صافح الرئيسان حرس الشرف، ويوصف رئيس البرازيل بأنه "السياسي الأكثر شعبية في العالم".
ويرصد أنا حوا لكم فيما يلي أبرز المعلومات عن رئيس البرازيل ونشأته وكيفية دخوله لعالم السياسية كالتالي:-
ولد لويز إينازيو لولا دا سيلفا في أسرة فقيرة يوم 27 أكتوبر 1945 في بيرنامبوكو، وهي ولاية تقع في شمال شرق البرازيل الذي يعد الأفقر في البلاد، وكان السابع من بين ثمانية أطفال لزوجين من المزارعين الأميين.
تركهم والده قبل وقت قصير من ولادته، ليعمل في شحن البضائع في سانتوس، في ولاية ساو باولو، حيث تزوج مرة أخرى وأسس عائلة جديدة. ولم يقابله لولا إلا عندما كان في الخامسة من عمره، عندما عاد لزيارتهم لفترة وجيزة.
بعد ذلك بعامين غادرت والدة لولا، دونا ليندو، إلى الجنوب مع جميع أطفالها. لكن ذلك لم يدم طويلا، إذ رحلت العائلة لتستقر هذه المرة في مدينة ساو باولو الكبيرة.
ماسح أحذية وصبي توصيل في محل لتنظيف وكي الملابس
قال دا سيلفا إنه "شعر في أعماقه بالتحرر" عندما انفصل عن والديه، لأن والده كان عدوانيا وضد تعليم أبنائه، وخلال طفولته ومراهقته، عمل لولا دا سيلفا بائعا متجولا، وماسح أحذية، وصبي توصيل في محل لتنظيف وكي الملابس، ومساعدا في مكتب.
ترك لولال المدرسة في سن الرابعة عشرة وقبل أن يبلغ العشرين من العمر تدرب وعمل في الحدادة.
تلك السنوات من المشقة والتضحية والبحث عن الفرص، والتي يستحضرها دا سيلفا عادة حتى اليوم في خطاباته، منحته نوعا من الأفضلية على السياسيين الآخرين خاصة في صفوف الناخبين ذوي المداخيل المنخفضة والتعليم المتواضع.
وفقًا لـ دا سيلفا نفسه، كان شغفه الحقيقي خلال فترة المراهقة والشباب هو كرة القدم، ولم يعر العمل السياسي أي اهتمام في بداية حياته.
انخراط لولا دا سيلفا في العمل النقابي
بدأ هذا يتغير في عام 1969 حين انخرط دا سيلفا في العمل النقابي خلافا لنصيحة زوجته الأولى ماريا دي لورد، التي توفيت في عام 1971، بعد عام من الزواج، جراء إصابتها بالتهاب الكبد خلال شهرها السابع من الحمل، وقد توفي الجنين أيضا.
تركت تلك الوفاة جرحا دائما في قلب دا سيلفا، وبعد التعافي من اكتئاب دام شهورا، رزق بطفله الأول من ممرضة لم يتزوجها قط. وفي عام 1974 تزوج من ماريسا ليتيسيا وأنجب منها ثلاثة أطفال آخرين.
كرس المزيد والمزيد من الوقت للنشاط النقابي، وفي عام 1975 انتخب زعيما لنقابة عمال الحدادة التي كان عدد أعضائها نحو 100 ألف عضو. ونجح دا سيلفا في إحداث تغيير جذري في العمل النقابي في البلاد.
في بداية عام 1980 سُجن مع قادة نقابيين آخرين دون أمر قضائي. أمضى 31 يوما في خلية تابعة لإدارة النظام السياسي والاجتماعي التابعة للحكومة العسكرية.
دخول لولا دا سيلفا إلى الساحة السياسية
في نفس العام، تحول بالكامل إلى العمل السياسي ونجح في جمع النقابيين ونخب فكرية وتروتسكيين ورجال كنيسة في إطار سياسي واحد ليؤسس أول حزب اشتراكي في تاريخ البلاد تحت اسم "حزب العمال".
في غضون ذلك، استمرت شعبية لولا دا سيلفا في الازدياد والنمو، فقد كان شخصية محورية في الحركة التي طالبت بعودة الديمقراطية إلى البرازيل، وخسر الانتخابات ثلاث مرات قبل نجاحه في الوصول إلى كرسي الرئاسة عام 2002 ليدخل التاريخ بصفته أول عامل سابق يصل قمة هرم السلطة في بلاده.
التزم لولا بقضايا الفقراء، والدفاع عن مبادئ النزاهة ومحاربة الفساد في أروقة الحكم، وتشجيع البسطاء على الانخراط في العمل السياسي.
خلال فترة حكمه شهدت البرازيل طفرة اقتصادية مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الخام، وقد خرج ملايين الناس من الفقر وارتقوا إلى الطبقة الوسطى عن طريق ضخ الحكومة لمليارات الدولارات في البرامج الاجتماعية، للقضاء على التفاوت الطبقي الشديد الذي كان سائدا في البلاد عبر التاريخ.
كما قام دا سيلفا برفع الحد الأدنى من الأجور فوق معدل التضخم بدرجة كبيرة. ووسع البرامج الاجتماعية التي كانت تنفذها الدولة لتشمل الطبقات الأكثر حرمانا وفقرا في البلاد عبر برنامج المنح العائلية الذي استفاد منه نحو 44 مليون شخص مما ساهم في تعزيز شعبيته في أوساط الفقراء والمهمشين.
طفرة اقتصادية أثناء حكم لولا دا سيلفا
كما يرى بعض الاقتصاديين أن البرازيل حققت نموا اقتصاديا مستمرا خلال حكم دا سيلفا لكنها فقدت أفضليتها التنافسية على الصعيد العالمي. ورغم ذلك بددت المخاوف التي انتابت الأسواق المالية العالمية، وحافظت على استقرارها الاقتصادي وحققت فائضا ماليا في الموازنة.
وفي عام 2011 ترك لولا دا سيلفا الرئاسة بدرجة قبول في الشارع تزيد عن 80 في المئة.
وقد سلطت وسائل الإعلام الأجنبية الضوء عليه باعتباره شخصية العصر، وبات معيارا لليسار في أمريكا اللاتينية، باعتباره أكثر ارتباطا بقواعد الديمقراطية الليبرالية من القادة "البوليفاريين" مثل الرئيس الفنزويلي آنذاك هوجو شافيز.
وغادر دا سيلفا السلطة تاركا البرازيل بلدا ناشئا واعدا قد اكتشف احتياطيات نفطية كبيرة، وصفه رئيس الولايات المتحدة آنذاك، باراك أوباما، بأنه "السياسي الأكثر شعبية في العالم".
براءة لولا دا سيلفا
وكان دا سيلفا قد خرج من السجن عام 2019 بعد قضاء 18 شهرًا، بعد أن أدين في فضيحة رشوة كبيرة طالت عددا من السياسيين وكبار رجال الأعمال. وفي 2021، أصدر قاضي المحكمة العليا في البرازيل حكما ببراءة الرئيس السابق لولا دا سيلفا من تهم الفساد نظرًا لارتكاب أخطاء في المحاكمات، فاتحًا الطريق أمامه للترشح في انتخابات الرئاسة عام 2022.
وقد نجح المرشح اليساري البالغ من العمر 77 عاما في الفوز بجولة ثانية متفوقا بفارق بسيط على منافسه اليمني المتطرف جائير بولسونارو.
وهكذا عاد دا سيلفا، الذي كان يوما شابا خجولا غير مهتم بالسياسة، إلى منصب الرئاسة في البرازيل الذي سبق وأن شغله لفترتين متتاليتين بين عامي 2003 و2010، مؤكدا أنه الزعيم الأكثر شعبية وتأثيرًا في أكبر دولة في أمريكا اللاتينية.