د. حياة عبدون تكتب.. هل نحن نعيش زمن جحا؟
أنا حواسأل رجلًا "جحا" يومًا: "أين وسط الدنيا يا عالمنا الفذ؟.. "فأجاب "جحا": "وسط الدنيا تحت قدميك تمامًا، وإن لم تصدقني فقم بقياس الأرض شرقًا، غربًا، شمالًا وجنوبًا"، إلا أن "الرجل" لم يرتدع بهذا الجواب وسأل "جحا" متحديًا: "كم عدد نجوم السماء يا أذكي الأذكياء؟"، فقال له "جحا": "عددها مثل عدد شعر حماري هذا.. وأن لم تصدقني فعدها ثم عد شعر حماري هذا".
استمر "الرجل" في السخرية من "جحا" فسأله: "كم عدد شعر ذقني يا أذكي الاذكياء"، فأجاب "جحا: "عدد شعر ذقنك يساوي عدد شعر ذيل حماري، وان لم تصدقني فانزع شعر ذيل حماري وشعر ذقنك وقارنهما يا أعلم العلماء".
هل ضحكتم من هذا الحوار؟!.. هل سخرتم من الرجل ومن جحا؟!، للأسف، هذا هو حال حوارنا الآن.. اجابات استفزازية لكل اسئلتنا.. اجابات بلا معني، مضحكة، وأصبح وزاءنا جميعًا مثل "جحا" يجيبون علينا بنفس الطريقة!.
أصبح الحوار بلا معني، فلا السائل أو المحاور يعلم ما هو هدفه من السؤال، ولا يعرف كيف يطرحه! ولا الطرف الاخر يعرف ما هي الاجابة، أو يعرف كيف يجيب! أصبحنا نعيش "زمن جحا" الذي كنا نضحك في طفولتنا علي نوادره، حكاياته، طرائفه، بل أننا أفتقدنا حكمة حكاياته وفطنته.. وأصبحنا مثله نستخدم "فهلوته" و"ذكائه" مع الملك.
يحكي أن "ملك" أراد أن يسخر من "جحا" فقال له: "هل تستطيع أن تعلم حماري القراءة والكتابة؟"، فأجاب "جحا": "أعلمه علي أن تمهلني عشرين عامًا"، فوافق "الملك" على التحدي وقرر صرف راتب له في هذه المدة، فلما خرج "جحا" أقترب منه أحد الأصدقاء، وقال له: "يا أحمق، كيف توافق علي هذه المهمة؟.
فقال له "جحا": "في هذه السنوات العشرين: "أما أن أموت أنا، أو يموت الملك، أو يموت الحمار، فمن منا الاحمق أيها الذكي؟".
هكذا هو حال وزراءنا.. فهم يعيشون زمن جحا!
الوزير المسؤل أصبح "فهلوي" لا يستطيع أن يجيب بكلمة "أنا فاشل" فهو لا بد أن يعرف كل شيء، يفهم في كل شيء، لا يعتمد علي الرؤية، الكفاءة، العمل، العلم، الخبرة، فأصبح لدينا وزراء فشلة، نواب فشلة، اعلاميين فشلة، مسئولين فشلة".
إذا أردنا أن نبني جمهورية جديدة علينا التخلص من كل فاشل، اللهم احفظ الله مصر من كل فاشل ومن كل حجا.