عروسة المولد.. تراث مصري يحكي قصصًا عن الفاطميين والزواج والجنود

من المعروف أن المصريين يحبون الاحتفال بالمناسبات الدينية، وخاصة المولد النبوي الشريف، الذي يتزامن مع شهر ربيع الأول من كل عام. ومن بين أشهر طقوس هذا الاحتفال هو توزيع الحلوى والعروسة على الأطفال والكبار، كهدية تعبر عن الفرحة والمودة. ولكن هل تساءلت يوما عن أصل هذه العادة؟ وكيف ظهرت عروسة المولد التي تزين بها شوارع مصر؟.

إن عروسة المولد لها تاريخ طويل ومتنوع، يرجع إلى عصر الفاطميين، الذين كانوا أول من نظموا احتفالات بالمولد النبوي في مصر، وابتكروا فكرة صنع حلاوة وعروسة من السكر، لإسعاد الشعب وإظهار قوتهم وثرائهم. وقد اختلفت الروايات حول سبب اختيار شكل العروسة، فبعضها يقول إنها مستوحاة من زوجة أحد الخلفاء الفاطميين، التي كانت تخرج معه في الموكب بثوب أبيض وتاج من الزهور. وبعضها يقول إنها رمز للزواج، الذي كان يقام في أيام المولد فقط، بأمر من الخليفة. وبعضها يقول إنها هدية للجنود المنتصرين في المعارك، لتشجيعهم على القتال.

ومع مرور الزمن، تغير شكل عروسة المولد، فأصبحت من البلاستيك بدلا من السكر، وأخذت أشكالا مختلفة، مثل أميرات ديزني أو نجمات الفن. كما ظهرت عروسة المولد المحجبة، التي تعبر عن التزام بعض المصريات بالدين. وأصبحت بعض العروسات تغني أغاني دينية أو شعبية، لإضافة المزيد من المرح.

إن عروسة المولد هي جزء من تراث مصر الشعبي، الذي يحافظ على هوية هذا البلد، رغم التغيرات التي يشهدها. وهي تحكي قصصًا عن تاريخ مصر وثقافتها وديانتها، بألوان زاهية وأشكال جذابة.


تطورات عروسة المولد

لذا نستعرض تطورات عروسة المولد من العصر الفاطمي وحتى عامنا هذا.

عروسة المولد الفاطمية

تعود بداية ظهور عروسة المولد النبوي إلى العصر الفاطمي، كان الحاكم بأمر الله يحب أن تخرج إحدى زوجاته معه في يوم المولد، ظهرت زوجته معه في الموكب بثوب ناصع البياض, ويزين رأسها تاج من الياسمين، فاستوحى صنّاع الحلوى عروسة المولد من إطلالة الأميرة والحاكم, فرسمها في قالب الحلوى على هيئة عروس جميلة، أما الحاكم فتم صنعه فارسًا يركب جوادًا.

عروسة المولد الحلاوة
ظهرت عروسة المولد الحلاوة، عندما أمر الحاكم بأمر الله بإقامة ألاحتفالات بالزواج في المولد النبوي الشريف، فكانت العروسة تصنع من الحلوى وتزين بالألوان المبهجة, وذلك بمثابة دعوى عن قرب الزواج وإقامة الأفراح، حيث كانت عروسة المولد النبوي هدية أهل العريس للعروسة.


عروسة المولد والزخارف الإسلامية


لاشك أن جمال عروسة المولد النبوي مستوحى من جمال المرأة العربية، وفقًا لما اشتهر في العصر الفاطمي، أما الزخارف في العروسة فستوحت من زخرفة النسيج وسقوف الجوامع والأطباق، وتشير ألوان العروس إلى الغنى اللوني في التراث الفني، والأزياء الإسلامية المزركشة، أما بالنسبة لمراوح عروسة المولد هي نفسها التي كانت تلازم الولاة والحكام كما رسمها المصورون في الكتب.


بعد العروسة الفاطمية, تطور شكل وخامة , فبدأت تصنع العرائس من البلاستيك، و احتفظت بأشكال مبهجة وبرزت التفاصيل الأنثوية الربانية الجميلة، مثل الشعر والشفاه والعيون، وحتى شكل الفستان التي ترتديه من القماش.


تطورت عروسة المولد النبوي، حتى ظهرت العرائس التي ترتدي حجابًا بأشكال مختلفة، وكان التربون جزءًا من التطور الذي ظهر على عرائس المولد، ولم يتوقف التطور عند ذلك، بل أضيفت للعرائس ميزة الغناء بأشهر أغاني المديح للمولد النبوي الشريف.


أما عن عروسة المولد في عصر التكنولوجيا والسوشيال ميديا، فصنعت بإطلالات مختلفة تشبه إطلالات البلوجرز والمشاهير, ظهرت العرائس في عام 2023, بإطلالات مختلفة, منها فساتين الزفاف والحفلات المستوحاة من استايلات المشاهير, بالإضافة إلى الشعر الطويل والمكياج الهاديء.