مني باروما تكتب.. مصر اتعمل لها بلوك
أنا حوامنذ فترة وأنا أترقب اليوم الذي أذهب لمشاهدة العرض المسرحي (عيله اتعمل لها بلوك) ولأني حريصة جدًا علي مشاهدة كل عرض جديد يقدمه (الأستاذ) الفنان المخضرم محمد صبحي، وجاء الموعد وهيأت نفسي لأشاهد وأتلقى جرعة فنية مملوءة بالقيم والأخلاق والفن الراقي الذي يقدم بأسلوب جذاب، هكذا شاهدت (عائله اتعمل لها بلوك) نص متماسك كانت البداية ومشهد في عام ٢٢٢٧ ، بما يحمله المستقبل وأن حياتنا اختصرتها التكنولوجيا بأرقام للعائلات ومن هنا تبدأ عرض كل حقبة زمنية بما فيها من قيم وأخلاق والمعاملات الإنسانية المغلفة بحب الوطن وها هي مرحلة ١٩٢٧ والملكية وحب الشعب للزعيم سعد زغلول ودائمًا يؤكد الأستاذ محمد صبحي علي الترابط الأسري وعرض ما كانت عليه الأسرة المصرية وعلاقة الجار بالجار والطبق الطائر أو الدوار الذي يحمل الطعام أو الحلو بين الجيران، كما يستعرض الحالة الاقتصادية في كل فترة وكيف كان سعر الدولار وتلقي المصريين ارتفاع الأسعار وربطها بكل فترة ومن فترة سعد زعلول إلى الزعيم جمال عبد الناصر الذي أحب البلد فأحبه الشعب هناك تفاصيل دقيقة رصدها العرض بدقة وسلاسة ومنها الصورة التي أكد عليها أن الزعيم كان قريب من الشعب وكان الجميع بالصورة، هكذا فهمت لأن رؤية العرض أكدت على الإيجابيات حتي تلقي الأسرة والشعب خبر وفاة سعد زغلول والزعيم عبد الناصر، أكد علي الحب ولحظة الفقد الأليمة التي أكد عليها النص بالواقعية وعرض مشاهد للجنازات من الأرشيف ليعيش جمهور العرض هذه اللحظة كما عاشتها الأسر في هذا الوقت بالألم والحزن واحساس الفقد العظيم إلي أن انتقل للمرحلة تلو الأخرى بسلاسة اللوحة المسرحية وكيف فقدت الأسرة المصرية ما كانت عليه وتطور التكنولوجيا الذي باعدت بين أفراد الأسرة الواحدة وتم سجن الأفراد كلًا في عالمه الافتراضي منذ بداية الجرامافون ثم الراديو والتليفزيون والفيديو وكان الأب يحذر ويحذر من الانخراط في الاستخدام لهم إلى أن جاء الموبايل والسوشيال ميديا والهم الأكبر التي انهت علي الحياه الأسرية ويكاد الأب والأم يتسولان.
الكلمات من بين شفاه الأبناء بالاستعطاف هذا لأن الجميع في عالمه الافتراضي، وأكد هذا في لوحه وجود الجد وبدا حوارًا مدهشًا وبديعًا وصادمًا مع الأحفاد والكل ينظر في الموبايل ولا يهتم لما يقوله الجد بل لم يعد هناك أخلاق، اعتادوا الانصراف والأب أو الجد يتحدث دون أن يستأذنوا، الأخلاق خرجت ولم تعد، أكد العرض علي بيع التراث والقيم الذي جسدته لوحة بيع المكتبة والأرابيسك وهنا يقصد بيع التاريخ في السبعينات لمن لا يقدر ثمن هذا بل أكد أيضًا علي طبقه (النوفو ريش) والسباك الذي هزم الدكتور في موقعة الخطوبة وانتصار السيارة والمال علي العلم، كما أكد العرض علي انهيار العلم ومشهد مدرس خصوصي يحمل الطبلة ويقوم بتلقين الأولاد الدرس بالطبل والرقص، الحفظ لا الفهم، انهيار العلم والطب والعدل في توزيع الفرص وارتفاع الأسعار، كل هذا تم في نسج النص كلوحة فنية تشكيلية، كل خط يحمل ألف معني وبينها ألف خط أحمر انذار وناقوس الخطر أصبح علي الأبواب ويحذر ويحذر، يرجوا الإفاقة من الهوس بالسوشيال ميديا والترندات والقضاء علي الأخلاق، والقضاء علي الطبق الدوار وانتشار الحقد والغل والكراهية.
والسؤال أين نحن الآن كل حقبة زمنية تحذر من القادم ونحن ننساق وراء الأهواء ولم نهتم، حتي سيطر علينا مرض اسمه (اللامبالاة) والمرض الأخطر هو (السوشيال ميديا) التي نستخدمها خطأ واقترب الموعد ستقضي علينا جميعًا، هذا ما تنبأ به العرض، هكذا تعودنا من الأستاذ الفنان (محمد صبحي) دائمًا في كل أعماله سواء مسرحية أو درامية أن نتلقى وجبه دسمة من القيم والأخلاق وتصحيح المفاهيم الخاطئة وتأكيد علي قيمة الفن والقوي الناعمة الحقيقية، وعندما تذهب لمشاهدة عمل من أعمال الفنان محمد صبحي تغسل روحك بقوي روحية تستمد القوة للاستمرار في مسيرة الحياة من خلال حركته ولياقته علي المسرح والكاريزما التي تنجذب اليها وتفاعله مع الجمهور، ولا نستطيع أن ننسي الفنانة الجميلة وفاء صادق الذي قدمها الفنان محمد صبحي بشكل جديد مختلف، أصبحت كوميديانه بشكل متميز وتفوقت علي نفسها، كما قدم لنا جرعة غنائية بأصوات من الجنة ضفر بها مشاهد ولوحات العرض هذه الأصوات عذبه تؤكد علي مصريتها رغم انحدار الذوق وانتشار المهرجانات، الان اهتمام الفنان صبحي بهؤلاء جعل منهم جواهر متألقة صاعده أحبها الجمهور المشاهد للعرض امتداد لحبهم للمايسترو الجواهرجى الذي عزف علي أوتار الحقب الزمنية وقام بغزلها بكل ألم وحب مع آلام وأوجاع الشعب من غلاء الأسعار وارتفاع الدولار وكأن الدولار قيد يسجن المواطن منذ بداية الزمان والتعاون مع صندوق النقد اللعين وكل يوم يضيق ويضيق ويختنق المواطن حتي انتفضت الأوطان ثوره تلو الأخرى دون فائدة حتي كانت المفاجأة في الحقبة الأخيرة وعدم الاستجابة للمقاومات مع افيهات الفنان محمد صبحي إن الحكومة مالهاش دعوة، بطلوا هري، وهكذا واكتشفنا أن مصر هي العائلة الكبيرة مع مرور الزمن وتعدد العائلات وارتفاع تعداد السكان فهي الأصل هي الأم لذلك هي (عيله اتعمل لها بلوك) والعديد من البلوكات، بلوك بلوك بلوك، انه الفنان العظيم عازف الكلمات علي أوتار الوطن، انه الأستاذ محمد صبحي.
ملحوظة.. كنت أتمنى معرفة أسماء الوجوه الجديدة والأصوات الرائعة الواعدة سواء بتقديم أسماءهم على المسرح أو كتابتها أو توزيع بامفلت على الجمهور، انهم يستحقون لأن هذا بمثابة ميلاد لهم وشكرًا لصانع العرض البديع.