د. حبيبة محمدي تكتب من الجزائر.. «هذا وطني.. هذه أمتى.. وفكرةُ الالتزام!»
أنا حواهو، على عرشِ القلوبِ يتربع.. وهى، تاجٌ على الرؤوس!
هو الوطن، كلُّ وطنٍ عربى من أوطاننا الغالية، وهى الأمة العربية العزيزة!.
هذا مدخلى لأقول إنَّ الكاتب كأى مواطنٍ مهمومٌ بقضايا وطنه وأمته معا.
لا تختلفُ عندى مواضيعُ الكتابة، فلا توجد هناك قضايا كبرى وأخرى صغرى، أتصوّر أنَّ الكتابةَ فى حدِّ ذاتها هى قضيةُ الكاتبِ الكبرى!.
ومع ذلك، كنتُ دائما أنأى بنفسى كثيرا عن الخوضِ فى القضايا السياسية مثلا، لا لشىء سوى لإيمانى بأهميةِ التخصصّ، وأيضا أنَّ ثمة كُتّابا ومحللّين سياسيين ومفكرين هُم أقدر منّى على الكتابة فى تلك المواضيع؛
ولكن، ورغم هذه المقدمة التى تبدو منطقية جدا وموضوعية، يبقى هناك شىء هام قد نغفل عنه أو ننساه، هو الطاقة النفسية للكاتب، تلك الانفعالات الخاصة التى تجيشُ فى وجدانِ كلِّ كاتب فينا.. وتلك الفكرة التى تظل تلاحقه حتى يضعَها على الورق، خاصة إذا تعلّق الأمر بحدثٍ ما، يخصّ وطنه أو أمته!
فالكاتب، مرة أخرى، وبوصفه مواطنًا مهموما بقضايا بلاده وشعبه وأمته، لا بُد أنه يتأثر ويتفاعل، وهذا التفاعل يصدر فى صورةِ الكتابة، على اختلاف أشكالها، من نصّ شعرى أو مقال صحفى أو خلاف ذلك..
وقد كان الفيلسوف «سارتر» سبّاقًا إلى طرحِ فكرةِ «الالتزام»، وهو الذى كتب كثيرا عن موضوع الالتزام فى الأدب والفن والكتابة عموما، وقد اعتنقَ الفكرةَ بعمقٍ، باعتبار أنَّ ما نكتبه هو مُنتَج اجتماعى بالأساس، رغم صبغته الفردية، وكان ارتكازه إلى الوجودية، هو مبدأ «الإنسان فى العالَم»، ولأنَّ الكاتب إنسان بطبيعته، «فإنَّ وجوده الواقعى يُمثِّل هوّية أدبية له، يستحيل أن يخرج عليها، بقدر ما يخرج منها...».
وتبقى آفاقُ الكتابةِ رحبةً ومفتوحة أمام الجميع، والمواضيعُ كزَخمِ الحياة مُتاحة للجميع، لكلِّ كاتبٍ أن يتأثرَ بكلِّ ما يدور حولنا من أحداث، كلّ كاتب يمكن له أن يكتبَ عن جميعِ أنواعِ المواضيع، حتى لو كان الموضوع نفسه، لكنْ من زاوية مختلفة، فالمواضيع ليستْ حكرا على كاتبٍ دون آخر، وللكاتب الحق فى الكتابة فى كلِّ المواضيع، ما نعيشه وما يدور حولنا، حقه مكفول بالتأكيد، كإنسانٍ يتأثر بالأحداث وقضايا الحياة والمجتمع، وقد يحدث أن يتأثر بالحدثِ نفسِه مع كُتّابٍ آخرين، ومن حقه الكتابة فى الموضوع نفسِه، وهذا وارد وجائز وحقه، طالما هو محافظ على شخصيتِه فى الكتابة وله قلمه ذو الشخصية المستقلة وأسلوبه، و«الإنسان هو الأسلوب» كما قال أحدُ كِبارِ الأدباء!
وأنا شخصيا، لا أتصنّع - أبدًا- الموضوعَ الذى سأكتبُ عنه، لأنَّ الفكرةَ تغزو روحى أوّلاً، وبإلحاحٍ منها، أرضخُ، فأكتبُها!.