تعديل تشريعي لتجريمه.. ”التخبيب” يهدد الحياة الزوجية.. وهذه طرق إثبات ”تخبيب المرأة” على زوجها
أنا حوايواصل شبح الطلاق تدمير كيان الأسر المصرية، حيث شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعا ملحوظا في نسب الطلاق، وأضحى "التخبيب" واحدا من الأسباب الرئيسية للطلاق والخلع، حيث يسعى المخببون إلى إفساد العلاقة بين الزوج وزوجته أو العكس، على الرغم من تحريم كل الأديان السماوية الإفساد بين الزوجين وإيقاع العداوة والفرقة بينهما.
ما هو التخبيب؟
والتخبيب، هو إفساد شخص على شخص آخر، وللتخبيب صور كثيرة، ولكن الصورة الأكثر شيوعا بين الناس، والتي تعتبر من أشر أنواع التخبيب، هي إفساد قلب المرأة الصالحة على زوجها بهدف التفريق بينهما لسبب ما، وهو أمر محرم منكر وتترب عليه مفاسد كبيرة، فتخبيب المرأة على زوجها بإفسادها عليه بإغرائها بطلب الطلاق أو العكس، هو عمل عظيم الإثم، فعن أبي هريرة رضى الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ".
وبات التخبيب من الآفات التي تهدد كثيرا من الأسر في هذا الوقت المعاصر، خاصة مع انتشار برامج التواصل الاجتماعي والاستشارات الخاطئة للأصدقاء أو الأهل والتي قد يأتي التخبيب بها على هيئة نصيحة، لإفسادها عليه بهدف مقاصد مادية أو شخصية.
مقترح قانوني لمنع "تخبيب المرأة"
وللتصدي لهذه الآفة التي باتت تهدد الأسر في المجتمع المصري، وعدها العلماء بأنها باب عظيم من أبواب الكبائر، تقدم المحامي الأسري والخبير في قضايا الأحوال الشخصية، عبد الحميد رحيم، بطلب مقترح إلى رئيس النواب، بإضافة مادة في مشروع قانون الأحوال الشخصية المزمع عرضه، تمنع وتعاقب ما يعرف بـ "تخبيب المرأة"، حيث تنص المادة المقترحة، على أنه لا يجوز أن يتزوج الرجل امرأة أفسدها على زوجها، أو حرضها على الطلاق منه للزواج بها، إلا إذا عادت إلى زوجها الأول ثم طلقها ومات عنها".
وفور تقديم الطلب، تم طرح حزمة من الأسئلة حول كيفية إثبات "التخبيب" حال الموافقة على "الطلب"، ووضع مادة في مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديدة، والشروط والإجراءات التي يجب توافرها لإقامة الدعوى القضائية، وحكم التخبيب في الشريعة الإسلامية، ونستعرض الإجابة على التساؤلات في السطور التالية.
لماذا يجب منع "تخبيب المرأة"؟
أرجع المتخصص في قضايا الأحوال الشخصية، سبب مقترحه القانوني، لما نعاصره يوميا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الواقع، ولم يتطرق إليها المشرع من قبل، فمن أفسد زوجة على زوجها وأسرتها وأغراها وحرضها بطلب الطلاق، أو تسبب في ذلك، أتى بابا عظيما من أبواب الكبائر التي يجب أن لا يغفل عنها المشرع المصري.
وفي حال احتكم الزوجان إلى الطلاق بفعل تلك الأمور الفاسدة المفسدة، وقام رجل أو امرأة بتأجيج نيران الفتن فيما بين الزوجين فصار "مخببا"، إذا أن الأمر يحتاج إلى صلح وليس إفسادا، كأن يمارس أي من الطرفين بعض الأفعال التي يحدث بسببها تدهور وإفساد العلاقة بين الرجل وزوجته، مع اعتبار وجود المغريات للزوجة في حالة حدوث الطلاق حتى تحصل على المال، أو الحرية أو أنه سوف تتزوج وفي هذه الحالة يكون التخبيب غير المباشر ويعتبر النوعان محرمين شرعا.
كيف يثبت "تخبيب المرأة" ؟
ويثبت التخبيب بحسب عبد الحميد رحيم، المحامي الأسري والخبير في قضايا الأحوال الشخصية، من خلال الدلائل التي تكون في صورة رسائل أو تسجيلات صوتية، خاصة وأننا في مصر لدينا قانون تقنية المعلومات المعروف بقانون الجرائم الإلكترونية، ويجب أن يحضر المدعي ما لديه من إثبات أن هناك طرفا آخر قد عمل التخبيب، ومن ذلك يتم النظر بالمحكمة في الدلائل المتوفرة، وهل هي أدت إلى التخبيب أم لا، وفي الحالات الآتية يكون التخبيب مثبتا:
الحالة الأولى: عند إثبات أن الرجل "المخبب" أنه على معرفة من أن المرأة التي هو على علاقة معها متزوجة قبل التعامل معها.
الحالة الثانية: عند إثبات أن المرأة "المخببة" أن الرجل الذي على علاقة معه متزوج، وتقوم لإثارة الفتنة بينهما ليتم الطلاق وكأن تدفع المرأة المخببة صديقتها أو أي امرأة أخرى لها علاقة معها أن تبتعد عن زوجها أو لا تقبل طاعته.
عقوبة التخبيب في المقترح القانوني
وفي حال أن قام المدعي عليه بنفي رغبة "التخبيب" في هذا الشأن، وفي هذه الحالة تكون العقوبة أقل، أم في العلاقات المحرمة فإن الشخص لا يمكنه نفي نية التخبيب لأن العلاقة المحرمة في أصلها إفساد للعلاقة الزوجية، ولكن في حالة أنه أثبت عدم العلم بأن هذا الشخص متزوج، تصبح عقوبة التخبيب في هذه الحالة "تقديرية" يقررها القاضي وفقاً لأبعاد الجريمة.
والتخبيب في حقيقة الأمر ليس قاصرا على الأصدقاء أو العلاقات المحرمة بل تتواجد بعض الحالات الأخرى داخل محيط الأسرة، سواء من جهة أم الزوجة التي قد تخبب ابنتها على زوجها مثل منعها من العودة إلى منزل الزوجية في حال حدوث شد بينهما، أو يقوم والد الزوجة بالتواصل مع زوج الابنة ويأمره بتطليقها، ولكن إذا كان يوجد مصلحة مترتبة على الطلاق فإن الأمر لا يصبح تخبيبا.
عقوبة التخبيب في التشريعات العربية
والتخبيب في التشريعات العربية لم تتطرق له سوى 3 دول عربية، هي السعودية والكويت والأردن، فاعتبره المشرع السعودي جريمة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات، حيث إنها تعتبر من القضايا الجنائية، وعقوبتها، الحبس مع التعزير، مستمدا تلك العقوبة من الشريعة الإسلامية، وهذا يعني أن عقوبة جريمته تعود للقاضي الناظر في الدعوى.
وتخضع العقوبة لسلطة القاضي التقديرية الذي قد يتشدد في العقوبة أو يخفف منها، وبالنظر للعقوبات التي حكمت بها المحاكم السعودية نجد أنها تنحصر في عقوبتين، هما، الحبس الدائم حتى الموت في حال لم يتراجع المخبب عن فعلته ولم يتب عنها، والحبس المؤقت لمدة تصل لعامين إذا تاب المخبب عن فعله وتراجع عنه، وفي كلتا العقوبتين يحكم القاضي أيضا بجلد المخبب بحسب الحال.
وفي دولة الكويت ووفقًا لما جاء في نص المادة 23، من قانون الأحوال الشخصية، “أنه لا يجوز للرجل الذي خبب امرأة على زوجها أن يتزوجها إلا بشرط أن تعود إلى زوجها أولًا فيطلقها، أو يموت عنها".
وقد أوضحت دولة الكويت سبب هذا القانون فقالت إن التفريق بين المرأة وزوجها من أشر الأفعال، سواء كان بتخبيبها بالمال، أو الوعد بالزواج، أو غيرها من الأمور الخبيثة، حتى تضطر المرأة لترك زوجها، والذهاب لشخص آخر، وكان الهدف من هذا القانون هو حماية الأسرة المسلمة وصيانتها.
أما في قانون العقوبات الأردني، أفرد نصًا لتلك الجريمة عاقب من خلاله كل من يحرض امرأة سواء أكان لها زوج أم لم يكن على ترك بيتها، لتلحق برجل غريب عنها أو أفسدها عن زوجها لإخلال الرابطة الزوجية بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
حكم إفساد المرأة على زوجها
من ناحيتها، أكدت لجنة الفتاوى بدار الإفتاء المصرية، أن إفساد المرأة على زوجها أو الرجل على زوجته أمر محرم ومنكر، ويترتب عليه مفاسد عظيمة، ويكون بتحسين الطلاق وتزيينه للزوج أو للزوجة، وهو ما يطلق عليه "التخبيب"، وهو عمل عظيم الإثم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا، أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِه".
وفي الحديث النبوي، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خَبٌّ..."، لأن التخبب هو عمل يفرح به الشيطان فرحا عظيما، فعن حاب رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ".
لذلك ينبغي أن ينتبه المسلم لكلماته وكذلك المسلمة، فقد تفسد كلمة علاقة رجل بامرأته، وتؤدي إلى الطلاق، وقد ذهب السادة المالكية إلى زواج الرجل بامرأة كان سببا في طلاقها بتخبيبها على زوجها لا ينعقد جزاءً للمخبب ومعاملة له بخلاف مقصوده".
ويستشهد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن، بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، "من خبب امرأة على زوجها حرم الله عليه الجنة"، مؤكدا أن الحديث يدل على أن من يغوي امرأة متزوجة أو يفتنها ليجعلها تعجب به وتنفصل عن زوجها، هو فعل أثيم، جزاؤه أنه لا يشم رائحة الجنة، والمرأة التي تشتهي غير زوجها ترتكب إثما مبينا.
عقوبة التخبيب في الدنيا والأخرة
ويقول أستاذ الشريعة الإسلامية، كريمة: "إن هذه الجرائم مخلة للعرض، والأعراض أمانة"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام"، وحذر الله سبحانه وتعالى من خطوات الشيطان في سورة النور "لا تتبعوا خطوات الشيطان".
ومن هنا يشدد "كريمة"، أنه يجب التوعية السليمة بالرضا بقدر الله عز وجل، وأن يرضا الإنسان بالحلال الطيب ولا يجري أو يسعى وراء الحرام الخبيث، فهذه كلها جزاءات في الأخرة، أما في الدنيا فيكفي التعاسة التي تنتظر هؤلاء الخائنين، فقال الله تعالى: "إن الله لا يهدي كيد الخائنين".