إقبال بركة تكتب: تدمير العالم
أنا حواقرأت للكاتبة الإنجليزية فرانسيس ستونر سوندرز أنها وهى تجمع المادة الوثائقية لفيلمها التسجيلى عن الأسباب الكامنة وراء نجاح مدرسة نيويورك فى الفن، وجدت مقالة تزعم أن السبب وكالة المخابرات المركزية الأمريكية!، فواصلت البحث والتنقيب فى مئات وآلاف المواد الأرشيفية استمرت ثلاث سنوات نشرت بعدها كتابها المثير للجدل «من الذى دفع للزمّار» الذى قالت فيه إن «CIA» دبرت الحرب الباردة لتسيطر بها على «عقل العالم» وذائقته ومزاجه عبر ترسانة ضخمة من المجلات، والصحف، والأفلام، والكتب، والمعارض، وحفلات، وجوائز، ومنح علمية، ومؤتمرات وندوات. أسماء تزعم الدفاع عن حرية التعبير، بينما تتلف الكتب وتهمّش الكتاب وتحارب الأعمال الإبداعية التى لا تتفق مع (الحلم الأمريكى).
وتقول الكاتبة إن المخابرات الأمريكية سعت، عبر منظمات مدنية ومؤسسات تابعة لها، إلى تشكيل ذائقة العالم، وتحديد رأيه العام تجاه أى حدث!، هذا رأى الكاتبة. كانت تصنع «الشرير» وتقوم بترويجه عبر كل الوسائل ليصبح بعد مدة هو نموذج الشر المطلق الذى يجب على العالم أن يكرهه ويخاف منه.. ويحاربه!. كانت... وما زالت!. وتقول الكاتبة الإنجليزية إن لأمريكا «زمّار» لا يعزف من الألحان إلا ما يناسب السُّلم الموسيقى الأمريكى. والذين يعزفون الألحان المختلفة يُتهمون بالنشاز، وتحارب أعمالهم، وتقفل أبواب المسارح فى وجوههم، وإن استدعى الأمر: تُكسر المزامير على رؤوسهم!، وتقول الكاتبة إن هوليوود للكثير من مراهقى العالم مصدر مهم من مصادر التثقيف والوعى والمعرفة!، وأحد أكبر مصادرنا الترفيهية وهى تروّج للعالم النموذج الأمريكى «الخيّر»:
ـ فـ«السوبرمان» و«الوطواط» و«الرجل العنكبوت» هم رجال أمريكيون. والجندى الذى يبيد كتيبة بأكملها، ولا يحدث له سوى خدش صغير على خده، هو جندى أمريكى!.
والرجل الذى يُبطل مفعول القنبلة النووية «فى آخر ثانية!»، وينقذ العالم من الدمار، هو جاسوس أمريكى.. أو حليف له: مثل العميل السرى البريطانى (007) جيمس بوند!.
وتعترف الكاتبة الإنجليزية بأن هوليوود تقدم الترفيه بشكل مبهر وممتع، وأنها قدمت الكثير من الأفلام الإنسانية الرائعة.. ولكنها كانت - أيضًا - مصدرًا لتغيير الحقائق وتشويهها، وهى تُقدم «الأمريكى» على أنه النموذج الأفضل للإنسان الخيّر الذى يُبيد مدينة بأكملها، ثم يبكى بشجن عند قبر صديقه!.. أما النموذج النقيض، نموذج «الشر».. فهو موجود فى «روسيا»!.
مركز الشر فى العالم ومملكته المتوجة. أنه نفس الشخص الذى يُجهز القنبلة ليبيد العالم - لولا عناية الله - ثم متابعة المخابرات الأمريكية ورجالها الأفذاذ الذين ينقذون العالم - وكالعادة - فى آخر لحظة.
الآن.. أصبح للعالم شرير جديد تريد أمريكا أن تقنع العالم به وبنفس الأدوات القديمة - هو الشرير الصينى.