غادة إسماعيل تكتب: الإنتماء والغربة والمعادلة الصعبة
انا حوا أنا حواالإنتماء هو الشيء الوحيد الذي لا يستطيع الإنسان أن يتخلى عنه أو ينسلخ منه لأنه ينتسب اليه ويرتبط به دون اختيار منه ، فلا أحد منا اختار بنفسه عند ولادته وطنه أو أسرته ، فقد خلقنا جميعا والانتماء فينا وكلما كبرنا تنامت ذكرياتنا معه وازداد حبنا له وارتباطنا وتعلقنا به .. هذا ما يحدث مع كل انسان طبيعي ولد وتربى وترعرع في أجواء معيشية مستقرة ، على عكس الذين لا انتماء لهم فهم قلة وظروفهم ودوافعهم افقدتهم هويتهم .
أما الغربة نختارها بارادتنا ، فقد نترك اوطاننا رغبة منا في تحسين مستوانا العلمي أو المادي أو المعيشي ، ونحن نعلم أنه سيترتب على هذا الابتعاد ضريبة يجب علينا أن ندفعها ونتحمل تبعاتها ، ومن أصعب مافيها زرع الانتماء للوطن الأم في نفوس أبنائنا الذين ولدوا في الغربة والمحافظة عليها في نفوسنا نحن الآباء .. وهي المعادلة الصعبة ، وللأسف الشديد لم يتمكن الكثيرون ممن اغتربوا في فك شفرتها .
ان الوطن هو الاطار البشري والجغرافي المحدد بعوامل اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية .وهو المجال الذي يتفاعل فيه الافراد والجماعات مع بعضهم ومع الارض التي يقطنون عليها علي مر الازمان.
وعن الانتماء والغربة وكيف نحافظ على انتمائنا و انتماء أبنائنا للوطن ونحن في غربة منه .
الوطن ليس علاقة عابرة أو مؤقتة أو قصيرة بل هو مجموعة من العلاقات الانسانية والعاطفية والثقافية والمادية،ويقول أوليفر وندل هولمز وهو طبيب وشاعر وموسوعيّ أمريكي توفى في عام ١٨٩٤م "الوطن هو المكان الذي نحبه وقد تغادره أقدامنا لكن قلوبنا تظل فيه"
قد نجد في الغربة رفاهية وترف وأشياء جميلة لم نكن نراها في بلدنا ، ننبهر بها لكنها لا تثنيني عن حب الوطن فنحن لا نحبه لأنه الأجمل بل لأنه الأصل والتاريخ والإرث والذكرى ، نتذكره دائما ونحن اليه كلما ابتعدنا عنه .
واذا اردنا ان نحافظ على انتمائنا يجب ألا تنسينا مغريات الغربة تقاليدنا وعاداتنا وطقوسنا الدينية ومناسباتنا الوطنية فنقيم شعائرنا ونحتفل بأعيادنا ونتناول اكلاتنا الشعبية ونتحدث مع أبنائنا بلغتنا العامية ونحكي لهم عن ذكرياتنا الجميلة في بلدنا ولا ننقطع عن زيارته .
يقول أمير الشعراء أحمد شوقي:
وطني لو شُغِلْتُ بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي.