بعد استقالتها اليوم .. القصة الكاملة لأزمة وزيرة الدفاع الألمانية وخطاياها الإعلامية
أنا حواربما كان على وزيرة الدفاع الألمانية كريستينا لامبريشت، أن تقرأ قصص لوزراء في العالم الثالث، خسروا مناصبهم نتيجة سوء الأداء الإعلامي، حيث كان الظهور السيء من تصريحات ومواقف سببا في إقالتهم أو استقالتهم، وليس الأداء المهنى داخل الوزراة.
من يتابع أزمة تلك الوزيرة الألمانية، نجد أن معظم وسائل الإعلام الألمانية ركزت على 3 حالات إعلامية سلبية للوزيرة جعلت صورتها مهزوزة أمام الرأي العام .
وكانت الحكومة الألمانية، قد أعلنت اليوم الاثنين، أن المستشار أولاف شولتس قبّل استقالة وزيرة الدفاع كريستين لامبريخت، مؤكدة أنه سيرشح خليفًا لها قريبًا، وذلك بعد أن تقدمت الوزيرة باستقالتها صباح اليوم، والحديث الآن هو عن البديل الأنسب لهذا المنصب، خصوصا في تلك الفترة الحساسة من تاريخ ألمانيا، بل وأوروبا بالكامل، مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، ونرصد هنا قصة تلك الأزمة، وخطايا الوزيرة
"بيلد" أول من تحدث عن الأمر
بداية الحديث عن استقالة الوزيرة، من منصبها، هو ما نشرته صحيفة “بيلد” الألمانية، من أن وزيرة الدفاع الألمانية كريستين لامبرخت قررت الاستقالة من منصبها بعد سلسلة من الفضائح التي طاردتها، وهو الخبر الذي تم نشره مساء الجمعة، وكان سببا في انتشار التقارير حول الوزيرة خلال الـ48 ساعة الماضية.
ونقلت الصحيفة عن مصادرها، إن مبادرة الاستقالة من منصب وزارة الدفاع جاءت من لامبرخت نفسها وليس من مكتب المستشار الألماني أولاف شولتس، وخلال الأيام الماضية، كانت المناقشة حول ترشيح خليفة لامبرخت.
فيما أفادت صحيفة "بوليتيكا الأمريكية، أن وزيرة الدفاع الألمانية ستقدم الاستقالة في وقت مبكر من يوم الاثنين – وهو ما تم بالفعل - وذلك بعد أن أثقلت بشكل متزايد على المستشار أولاف شولتز وتغييره المعلن في سياسة الدفاع الألمانية.
"الخوذ - الرحلة – الرتب العسكرية" .. الخطايا الإعلامية
"ضحية الخطايا الإعلامية" .. بالفعل هكذا يمكن وصف الوزيرة الألمانية المستقيلة، وذلك بعد أن نشرت كافة الصحف العالمية، أن هناك 3 أخطاء قامت بها الوزيرة خلال ظهورها الإعلامي خلال عام ونصف مدة تواجدها بالوزارة حتى الآن، أحدهما كان خاص بتصريح "الخوذ لأوكرانيا" والحديث عن أوكرانيا بشكل عام، والثاني خاص برحلة خاصة بها مع ابنها، وكان الثالث حديثها عن الرتب العسكرية.
فقد واجهت لامبريخت انتقادات شديدة للاحتفال بتسليم مبكر لـ 5000 خوذة إلى أوكرانيا في بدايةالعام كإشارة للدعم الألماني، في الوقت الذي تطالب فيه أوكرانيا بأسلحة ثقيلة لحماية نفسها، وما زاد من اهتزاز صورتها في حديثها عن أوكرانيا مقطع فيديو غير موفق لمناسبة الأعياد، قالت فيه إنها ممتنة لكل "اللقاءات" التي سمح لها النزاع في أوكرانيابإجرائها.
وفي ربيع 2022، واجهت الوزيرة الألمانية مشاكل بعد أن استخدم ابنها مروحية للقوات المسلحة من أجل قضاء عطلة في جزيرة سيلت الألمانية، حيث أدت الصورة إلى تعرضها لهجوم في الصحافة بسبب استخدامها لموارد الدولة في خدمتهاالشخصية وعائلتها، فيما كان الخطئة الإعلامية الثالثة والتي أفقدها شعبيتها داخل الجيش نفسه، وذلك عندما أثارت ضجة بعد اعترفها مع مرور ستةأشهر من عملها ، في مقابلة صحفية، بأنها لا تزال تجهل درجات الرتب والخدمة العسكرية.
فاشلة عسكريا أيضا ... وهذا استطلاع رأي شعبي
دفع هذا الأداء الإعلامي للوزيرة الألمانية، عدد من مؤسسات إعلامية ودرسات ميدانة، لإجراء استطلاع رأي حولها، ووفقا لمسح أجرته Civey في الآونة الأخيرة وشمل خمسة آلاف شخص، أيد 77% من الألمان رحيلها بينما يرغب 13% فقط في بقائها بمنصبها.
ولكن بعيدا عن سلبياتها الإعلامية، فإن عدد من المراقبين، تتمثل المشكلة الجوهرية لديهم في أن الوزيرة واجهت صعوبة في إيجاد مكان لها في عالم القوات المسلحة، وذلك بحسب صحيفة زود دويتشهتسايتونغ، فبعد العملية العسكرية الروسية فيأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، أعلن شولتز إنشاءصندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو لتحديث الجيش الألماني.
وقالت زود دويتشه تسايتونغ إن لامبريخت فهمت مندون شك أنها غير قادرة على إنجاز هذا التغيير الجذري داخل القوات المسلحة الألمانية، وإصلاح الجيش وشراء المعدات الجديدة التي يحتاجها بشدةلا يسيران بالسرعة الكافية بحسب المراقبين، ولمتسلم الوزيرة من الانتقادات حتى داخل حزبها؛فالنائب جو فاينغارتن قال في حديث إذاعي إن القوات المسلحة تحتاج شخصا لديه سلطة القيادةويدعمها بوضوح.
تلك هي الترشيحات من الحزب الاشتراكي الديمقراطي
ويبحث المستشار الألماني عن بديل سريع لوزيرة دفاعه، وذلك في ظل وجود اجتماع لوزراء الدفاع بأوروبا خلال الأيام القادمة، لحسم ملف إرسال الدبابات إلى أوكرانيا، وهو ملف هام جدا في مواجهة روسيا، ومن ضمن المرشحين لهذا المنصب إيفا هوجل، المفوض البرلماني للقوات المسلحة،وسميتج مولر وزير الدفاع في الحكومة المصغرة، وكلاهما من الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم، وقد تم تعيينهما كمرشحين محتملين.
ومن الأسماء المحتملة الأخرى لارس كلينجبيل، زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي المشارك، ووزيرالعمل في الحزب الاشتراكي الديمقراطي هوبرتوسهيل، وولفغانغ شميدت من الحزب الاشتراكي الديمقراطي ورئيس مستشارية شولتز.
بالنظر إلى أن وزيرة الداخلية نانسي فيسر ، منالحزب الاشتراكي الديمقراطي أيضًا ، من المتوقع أن تعلن قريبًا عن ترشحها لمنصب رئيس الوزراء في ولاية هيس الألمانية ، والتي ستجري الانتخابات في أكتوبر ، فقد يعلن شولز أيضًا عن تعديل وزاري أوسع، وذلك وفق ترشحيات نشرتها الصحيفة الأمريكية بوليتيكا.