عماد فرغلي يكتب: لا تحزن.. ففي الكلاب اخلاص
انا حوا أنا حوايظن الانسان انه أذكى المخلوقات وأكثرهم طرافة وظرفا واحساسا ووفاءا ، وافضلهم ولاء وانتماء لنوعه وجنسه وعرقه ، وهو ظن جانبه الصواب ، فيوجد من بين المخلوقات الأخرى من هم أكثر ذكاء من البشر ، فالحمار (أكرمكم الله) الذي نصفه بالغباء لديه ملكة حفظ الطرق أكثر من الانسان عشرات المرات فيكفيه أن يذهب للمكان مرة واحدة حتى يحفظه عن ظهر قلب ولو كان بعيدا عن مقر صاحبه كيلوات الامتار ، بينما الانسان وهو المتميز بالعقل يحتاج الى الذهاب والمجيء للمكان عدة مرات حتى يحفظه وفي كل مرة يستخدم الجي بي اس ويراجع خرائط جوجل ويستفسر من رجال المرور وأصحاب المحال الى أن يجد ضالته .
وعن المشاعر والأحاسيس فكل المخلوقات تقريبا لديها نفس السمات وان اختلفت درجاتها من كائن لكائن ، فعندما تقوم بجولة داخل حديقة الحيوان تسمع عجب العجاب من المشرفين عليها من قصص ومواقف الحيوانات التي لا تخلو من الطرائف والنوادر والعجائب والمشاعر والأحاسيس فيضحك القرد ويحملك الفيل ويحدثك البغبغان ويداعبك الدولفين ويبهرك الأسد ، ويسرد المشرف لكل منهم حكاية فهذا متزوج من هذه ويغير عليها وذاك حزين لابتعاد حبيبته وتلك مكتئبة لفقدان وليدها وهكذا .
واذا تحدثنا عن الوفاء فهل هنالك أوفى واخلص وأحن من الكلب على الكلب ومن الكلب على الانسان ، فقد قص القصاصون ملاحم عن اخلاص ووفاء الكلب ويكفيه أنه لا يخون صاحبه ، فكلما غدر بك الانسان لا تحزن ففي الكلاب اخلاص .
وعن الشعور بالانتماء فهو فطرة فطرنا الله عليها ولا تقتصر فقط على الانسان بل ان جميع المخلوقات لديها نفس الشعور ، الحيوان والجماد وحتى النبات ، فكل يعتز بمكنونه الذي خلق عليه ، فالنبات مثلا إذا خلع من غرزه يدبل ويموت ، والاسماك اذا خرجت من المياه تنفق ، والحيوانات اذا ابتعدت عن بيئتها تتحول أو تمرض .. واي من تلك المخلوقات بما فيها الانسان تغضب حين توسم بمخلوق أخر ، فإذا تعارك شخصين وتبادلا الشتائم وسب أحدهم الآخر وقال له مثلا ( يا حيوان ) يثور وتتحول المشادة اللفظية الى تشابك بالأيدي ، وكذا الحال بالنسبة للحيوان فدائما ما نرى عراك او خناقة بين كلب وكلب او قط وقط ، ونحن لا نعلم لغة الحوار فيما بينهم فلا تستبعد أن يكون احدهم قد سب الاخر وقال له بلغته مثلا ( يا بني ادم ) عفوا قد يحدث ذلك ، فكما نحن نسب بعضنا باسماء الحيوانات ، فقد تفعل الحيوانات ذلك أحيانا .
الخلاصة .. لقد اعز الله الانسان عن باقي المخلوقات لكن الشعور بالانتماء لايختلف بين مخلوق وآخر ، واستغرب جدا من الأشخاص الذين فقدوا انتمائهم أو باعوا ضمائرهم من اجل حفنة دولارات على حساب الوطن ، فحتى الحيوانات لا تتخلى عن هويتها ولا تتآمر على أوطانها .