أوراق الزيتون لعلاج السكري.. هل هي وصفة خطيرة أم مفيدة؟
أنا حواتنتشر على مواقع التواصل الاجتماعيّ منذ سنوات “وصفة طبيّة” مكوّنها الرئيسي أوراق الزيتون يدّعي المروّجون لها أنّها علاج فعّال لمرضى السكري. هل هي نافعة أو مضرة حسب الأطباء.
“هذا العلاج المنزلي سيسمح للمريض بإيقاف إبر الإنسولين” بهذه العبارات الخطيرة يروّج مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي “لوصفة أوراق الزيتون” التي يقولون إنها علاج ناجع لمرض السكري.
ويذهبون لعرض الوصفة قائلين “يتعيّن غلي كميّة من ورق الزيتون ما يملأ الكفين وشرب قدح واحد ثلاث مرات يومياً قبل الوجبات…”.
وحصدت هذه المنشورات المتداولة منذ العام 2010، عشرات آلاف التفاعلات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويبدو أن كثيرين صدّقوها وشاركوها.
لكنّ نصائح مماثلة تُعدّ خطيرة جداً لدرجة أنّها قد تتسبّب بمضاعفات لمريض السكري تصل إلى الوفاة.
تعرّف منظّمة الصحّة العالميّة داء السكري على أنّه مرض مزمن، “يحدث عندما يعجز البنكرياس عن إنتاج كمية كافية من الإنسولين، أو عندما يعجز الجسم عن استخدام الإنسولين – الذي ينتجه – بشكل فعاّل. وهذا يؤدي إلى زيادة تركيز الغلوكوز في الدم (فرط سكر الدم)”.
وداء السكري هو أحد الأسباب الرئيسيّة للعمى والفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتات الدماغية وبتر الأطراف السفلى.
يقول أسعد عيد الأستاذ والباحث في علوم أمراض السكري في الجامعة الأميركيّة في بيروت لوكالة فرانس برس “لا أعرف كيف يمكن لأشخاص أن يتلاعبوا بحياة مرضى السكري عن طريق نشر معلومات بهذه الخطورة”.
ويشرح عيد بالقول إن المصابين بداء السكري من النمط 1 يعانون من نقص إنتاج الإنسولين وبالتالي فإن حالتهم تقضي بأخذ الإنسولين يومياً. أما التخلّف عن ذلك فقد يتسبّب بمضاعفات قد تؤدّي إلى الموت.
ويتساءل “فكيف يمكن لأحدهم نصح هؤلاء المرضى بإبدال دوائهم الرئيسي بجرعة من شراب ورق الزيتون؟”
أما مرضى السكري من النمط 2 فيتعيّن عليهم اتباع نظام غذاء صحيّ منخفض السكريات والدهون والحفاظ على وزن صحيّ وممارسة التمارين الرياضيّة والتحكّم بضغط الدم وتناول أدويتهم والإنسولين الذي يكون ضرورياً في بعض الأحيان.
ومن شأن تجاهل كل ذلك أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة على المدى الطويل. ومرضى هذا النمط لا يمكنهم التغاضي عن كلّ ذلك وتناول شراب أوراق الزيتون.
وتثني د. ماري مرعب فغالي، رئيسة قسم أمراض الغدد الصّماء والسكري في مستشفى جبل لبنان الجامعي، على ما تقدّم به د. أسعد عيد قائلة “لا يجوز إلحاق الأذيّة بمرضى السكري بهذا الشكل”.
وتشرح مفصّلة “لا يمكن لمرضى السّكري من النوع 1 أن يوقفوا علاج الإنسولين بأي شكل من الأشكال”.
أما مرضى النوع 2 فتختلف علاجاتهم ويتابعهم طبيبهم عن كثب إذ قد يضطرون إلى أخذ الإنسولين أو حقن أخرى تخفّض مستوى الغلوكوز في الدمّ أو حتى باقة من العلاجات تكون ضروريّة لحالة المريض إلى جانب اتباع حمية غذائيّة وممارسة التمارين الرياضيّة، وفق الطبيبة.
يفصّل د. أسعد عيد وهو أيضاً العميد المشارك للأبحاث العلميّة في الجامعة الأميركيّة في بيروت قائلاً “ينكبّ العلماء على العمل طيلة سنوات لإنتاج أدوية مناسبة لمرضى السكري، وتجربتها وتحديد أعراضها الجانبيّة ثمّ يأتي أحدهم فيروّج لمنشور يدّعي أنّ أوراق الزيتون تشفي من داء السكري”.
ويضيف عيد أنّ الطبيب المختصّ يحدّد لمريض السكري الجرعة التي تحتوي على المادّة الفعّالة والتي تكون أساسيّة في العلاج، “فهل تساءل أحدهم ما هي نسب المواد الفعالة في ما يدّعون أنه علاجات على مواقع التواصل الاجتماعي؟”.
أماّ د.ماري مرعب فغالي فتشدّد على أن علاجات داء السكري “تعتمد على دراسات طويلة وإحصاءات وبروتوكولات لمعرفة أي علاج سيقدّم للمريض”.
وتقول “تختلف فعاليّة علاجات السكري بين مريض وآخر، ولذلك ننصح المريض أن يتّبع وصفة طبيبه كما هي وألا يبدلها بعلاجات أخرى قد لا تناسب حالته”.
وتنصح الطبيبة “بألا يقوم المريض بتجربة علاجات عشبيّة لا نعرف مدى فعاليّتها أو تأثيرها عليه”.
وتشير إلى أنّ الطبيب المعالج “يتابع مريض السكري عن كثب ويصف له العلاجات بحسب معايير دوليّة محدّدة وقد تتبدّل بحسب تطوّر حالة المريض”.
لا دراسات مثبتة عن فعالية أوراق الزيتون
ويشدّد د. أسعد عيد قائلاً “لا تعتمدوا على “علاجات” يروّج لها مستخدمون على مواقع التواصل لا يعرفون مدى خطورتها على صحّة المرضى، بل استشيروا الأطباء المختصين”.
ويختم عيد “لم تثبت أي دراسة طبيّة لغاية اليوم فعاليّة أوراق الزيتون في علاج داء السكري”.
بدورها، قالت د. ماري مرعب فغالي “لا تعتبر أي من المكمّلات، عشبيّة كانت أو غيرها، علاجاً فعالاً لمرضى السكري. وحذّرت من التلاعب مع مرضى هذا “القاتل الصامت” الذي قد يقضي على المصاب به من دون معرفته في حال لم يتناول أدويته ويتّبع العلاجات الموصوفة له بشكل دقيق. فالسكري قد يتسبّب بمضاعفات لا يشعر بها المريض حتى تصبح في مراحل متقدّمة وهنا يكون قد فات الأوان.
ويعيش اليوم نحو 537 مليون شخص بالغ تتراوح أعمارهم بين 20 و75 عاماً مع داء السكري. وتمثّل هذه النسبة 10.5% من مجموع هذه الفئة العمريّة من سكان الأرض. ومن المتوقّع أن يبلغ العدد الإجمالي للمصابين بداء السكري 643 مليوناً (11.3%) بحلول العام 2030.