ماجد الحداد يكتب.. علم الإنسان
أنا حواولدت وعشت طفولتي في أم القرى _ مكة _ يعني في بذرة ومنبع الاسلام، وفي عهد الملك / (خالد ابن العزيز آل سعود)، وشببت على أكثر فترة كان السيطرة الوهابية لحد الذروة في عهد الملك (فهد ابن عبد العزيز)، وفي وقت كانت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تضرب العاملين في المحلات إن لم يغلقوا أثناء الصلاة، وينكزون النساء اللاتي يظهر منهن شعر اثناء الطواف بالعصا.
دخلنا في حياة العرب وأطلعنا على ثقافتهم المحلية العميقة، وحضرنا وشاركنا منها الكثير في كل تقاليد وطقوس العرب القرشية الشعبية، وعرفنا عرب عاربة وعرب مستعربة، ومتسعودين من أصول تركستانية وصينية من الجد الثاني والثالث، وكنا مقربين لرجال الدين في مؤسسة الحرم المكي كلها تقريبًا من أئمة الحرم مرورًا بالمؤذن نهاية لحاملي مفتاح الكعبة.
عرفنا العتيبي والقحطاني والغامدي والشيباني والمقاطي والحربي.. الخ، عرفنا كل شىء عن المجتمع العربي عن كل أسراره حتى أسراره الجنسية المثلية والتي هي موجودة لدى كل الشعوب.
ورغم كل ذلك لم نرى يومًا ولو بالصدفة طقس (ارضاع الكبير) الا لما شوفنا فيلم Lair Lair للفنان المتميز (چيم كاري) كتلميح كوميدي، بما أنه طقس متلاشي داخل جزيرة العرب في عز حكمها الثيوقراطي الديني، فكيف كان إرضاع الكبير وصل في حديث (عائشة) عن إرضاع الكبير، ولماذا لم يمارسه المسلمون رغم وجود هذا الحديث في صحيح البخاري؟.
هل كانت رضاعة الكبير طقس تنسيب قَبَلي في وقت الحاجة لتكثير القبيلة وإنساب عدد أكبر من الذكور لها لزيادة عدد المحاربين والمدافعين عن القبيلة، ثم اختفى هذا الطقس لما اختفت أسبابه كتقليد زواج الاستبضاع مثلًا _ زواج الاستبضاع هي إحدى صور الزواج في عرب ما قبل الاسلام هو أن يرسل الرجل الفقير أو من نسب ذليل زوجته إلى رجل ذو نسب شريف أو مشهور بالقوة ليجامعها لعلها تنجب من نسله من يحمل هذا الشرف وينسب الطفل لزوجها لكنها حالة استثنائية _ أم أن هناك سبب آخر لوجود هذا الحديث؟.
والسؤال الأهم متى وضع هذا الحديث بالضبط، فالروايات الشفهية لا تخضع لاختبارات علمية صارمة لاكتشاف صحة مصدرها مهما كان الراوي أهل للثقة لذلك تقل الثقة في المصادر الشفوية في علم التاريخ لأن الحكاية الشفوية تخضع لمشكلة في الذاكرة في علم النفس تسمى (ذاكرة راشومون).