«الصحة العالمية» تحذر: «الكوليرا» يمكن أن تنتشر سريعًا.. وما يحدث جرس إنذار لنا جميعًا
أنا حواحذر الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، من أن وباء «الكوليرا» يمكن أن ينتشر سريعًا، وذلك نظرًا للظروف التي يمر بها الإقليم، ومنها عدة طوارئ إنسانية وصحية معقدة وصراعات مستمرة منذ وقت طويل، وضعف البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي وتدهور الأوضاع الاقتصادية.
وأضاف «المنظري» في كلمته خلال مؤتمر صحفي للمنظمة، اليوم الأربعاء، حول آخر مستجدات فاشيات الكوليرا في إقليم شرق المتوسط، أن هناك عامل آخر ساهم في عودة ظهور الكوليرا؛ ألا وهو تغير المناخ الذي يتضح في الظروف المناخية الشديدة، مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير، التي ضربت عدة بلدان. فحالات الجفاف التي يزداد انتشارها في جميع أنحاء إقليمنا تحد من توفر المياه النظيفة وتهيئ بيئة مثالية لانتشار الكوليرا.
وتابع: لا يُعقل أن تحدث فاشيات الكوليرا في إقليمنا في القرن الحادي والعشرين، ومن غير المقبول أن يموت الناس بسببها. وينبغي أن تتوفر المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي المناسبة للجميع، لأنها حق أساسي لكل إنسان.
ووفقا لبيان المنظمة، فإنه بعد عقود مرت دون حالة كوليرا واحدة، جاءت الفاشية التي أُعلن عنها مؤخرًا في لبنان وسوريا لتشير إلى عودة مشؤومة للكوليرا في هذين البلدين. والمؤسف، أن هذه العودة تأتي ضمن نمط متفاقم في جميع أنحاء الإقليم والعالم، حيث يئن ثمانية بلدان من بين 22 بلدًا في الإقليم تحت وطأة فاشيات الكوليرا والإسهال المائي الحاد، وعلى مستوى العالم، هناك 29 فاشية للكوليرا حاليًا، وهو أعلى رقم مُسجَّل في التاريخ. ويمكن أن تنتقل الكوليرا من بلد إلى آخر، لذلك فإن الفاشيات الحالية تُعرِّض البلدان المجاورة لخطر متزايد وتؤكد الحاجة إلى مكافحة الكوليرا على وجه السرعة. وهذا جرس إنذار لنا جميعًا!
وأشار المنظري، أن معظم البلدان المتضررة من تفشي الكوليرا في الإقليم من الدول التي تعاني من ضعف البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي، مع عدم وجود استثمارات ذات قيمة في تلك البنية الأساسية في السنوات الأخيرة. كما تسهم في هذا التفشي ندرةُ المياه، وهي أيضًا نتيجة للجفاف، وهناك حاجة ماسة إلى جهود عاجلة تشترك فيها جميع الجهات المعنية، مع التنسيق الجيد فيما بينها، للسيطرة سريعًا على الفاشيات والوقاية من زيادة انتشار الحالات والوفيات داخل البلدان المتضررة وفي البلدان المجاورة.
وأضاف، يجب أن تركز هذه الجهود على زيادة توفير المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي المناسبة، وتعزيز عادات النظافة الشخصية السليمة، والتوعية المكثفة، والاستعانة بالمجتمعات المحلية، وتعزيز الترصد من خلال الإنذار المبكر لاكتشاف الحالات بسرعة ومواجهة الوضع بفعالية.
وهناك أيضًا التدبير العلاجي السريري العالي الجودة للمرضى، الذي لا غنى عنه للحد من الوفيات؛ فالكوليرا مرض يمكن الوقاية منه وعلاجه تمامًا. وتتعاون المنظمة مع وزارات الصحة والشركاء في جميع هذه المجالات.
وأشار المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن الارتفاع المفاجئ في فاشيات الكوليرا في الإقليم وحول العالم، أدى إلى نقص حاد في لقاحات الكوليرا. ونتيجة لذلك، علَّق فريقُ التنسيق الدولي المعني بتوفير اللقاحات، الذي يدير المخزون العالمي من لقاحات الكوليرا، العملَ مؤقتًا بالنظام المعياري للتطعيم بجرعتين في حملات مواجهة فاشيات الكوليرا، واعتمد بدلًا منه نهجَ الجرعة الواحدة، ويسمح استخدام استراتيجية الجرعة الواحدة بتطعيم عددٍ أكبرَ من الناس وتوفير الحماية لهم على المدى القريب.
وأضاف المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، أن الكوليرا صحيح يمكن أن تسبب الوفاة، إلا أنها مرض يمكن الوقاية منه أيضًا. ولهذا، علينا ألا نسمح بضياع المكاسب التي تحققت بشق الأنفس في مجال الصحة العامة خلال العقود الماضية لمجرد عدم توفر هذه التدخلات البسيطة للناس.