هند الصنعاني تكتب: المهنة ”خواجة”
أنا حوا"صنع في أمريكا" إذن فهو عالي الجودة، كل ماهو أجنبي فهو جيد، فكرة راسخة في أذهان كل شخص ينتمي إلى المجتمع العربي، هي عقدة يقال عنها " عقدة الخواجة" عقدة نفسية من الصعب التداوي منها، احساس بالنقص و الدونية عن الإنسان الغربي، إنه انبهار لاشعوري بكل أجنبي، الاعتقاد بتفوقه على العربي، فيتم اللجوء إلى التقليد أحيانا ويتم تفسير ذلك بانعدام الثقة، هي مظاهر نعيشها تعكس العقدة النفسية التي لم و لن نستطيع التخلص منها.
تلجأ بعض الشركات الكبيرة إلى الإستعانة بالعمالة الأجنبية بدلا من العمالة المحلية وبرواتب خيالية، مع أننا نتوفر على عقول فذة استطاعت جذب انتباه العالم بعبقريتها وتفوقها في كل المجالات، ربما الاستعانة بالأجنبي في بعض الأحيان تكون ضرورة ملحة عندما لا نتوفر على البديل أو عندما لا نتوفر على تخصص معين، لكن في السنوات الأخيرة أظن أننا وصلنا إلى مكانة تجعلنا نعتلي كل المجالات.
الإستعانة بالأجانب في مجال التعليم، هي خطوة في غاية الأهمية والجدية ،وفي نفس الوقت مسألة صعبة جدا، لأن التطوير في المجال التربوي هو تطوير في المجتمع كله وبالتالي تطوير في الدولة نفسها، هذا التطوير تحتاجه معظم الدول العربية، لكن الذي يثير الانتباه وأظن أن الدولة يجب أن تقف عندها من أجل تقديم خدمة تعليمية تربوية جيدة، وهي الاستعانة بالعمالة الأجنبية في هذا المجال المهم، فيتم تعيين مدرسين من الدول الأجنبية عندما يكون الاحتياج بالنسبة للغة الانجليزية أو أحيانا يتم تعيين مدرسين من دول شمال افريقيا عندما يكون الاحتياج بالنسبة للغة الفرنسية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل هذه العمالة تتوفر على الشروط اللازمة والضرورية لكي نضع مستقبل أولادنا بين أيديهم، أعتقد أن الإجابة في كثير من الأحيان تكون لا، ففي بعض المدارس، يقومون بتوظيف الأجانب ليس لخبرتهم في مجال التربية والتعليم لكن يتم تعيينعم فقط لأنهم أجانب سواء إن كانوا من الغرب أو دول شمال افريقيا أو يحملون جواز سفر أجنبي، فهل هذا يكفي لنعطيهم هذه الثقة الكبيرة، هل اكتساب صفة "أجنبي" كفيلة لنضع على عاتقهم مستقبل مجتمع وبلد بأكمله وخصوصا أن أغلبيتهم يفتقدون الخبرة والقدرة على التدريس بالطريقة البيداغوجية.
أنا لست ضد الاستفادة من الغرب أو الأجانب وخصوصا في هذا المجال، لكن يجب الاستعانة بمن يستوفون الشروط اللازمة لذلك، لأن الموضوع ليس مجرد جواز سفر أجنبي، لأن غالبية الأجانب غير مؤهلين تعليميا وتربويا ويستعان بهم في بعض المؤسسات مع الأسف فقط كصورة للترويج، فهم وسيلة لجذب أولياء الأمور، من وجهة نظري، أن هذا الأمر يكون مبهرا للوهلة الأولى لكن هذا الانطباع لا يدوم طويلا لأن غالبا ما يتضح المستوى الثقافي والتعليمي ويتضح أيضا مدى خبرته في هذا المجال.
مجال التربية والتعليم مجال مهم وأساسي من أجل النهوض بأي دولة تحاول مواكبة التطور والازدهار، لذلك يجب إعطاءه الأهمية اللازمة من خلال وضع شروط صارمة لولوجه، لأن التعليم رسالة وليست تجارة، فلنقف وقفة جادة من أجل السيطرة على ذخلاء هذا المجال، فليس كل دول شمال افريقيا متمكنة من اللغة الفرنسية أو لها القدرة أو الإمكانيات تدريس هذه اللغة كما أن ليس لكل أجنبي متمكن من اللغة لأنها لغته، أن يلعب دور المعلم أو المدرس، فمهنة التدريس هي دراسة و تخصص وخبرة.