عزة أحمد هيكل تكتب: التعليم .. انتباه
أنا حواعندما تولى د. حسين كامل بهاء الدين وزارة التربية والتعليم عام 1991 قرر نظام الثانوية العامة المنقسم على عامين وجعل درجة اللغة العربية 60 تساوي ذات درجة اللغة الإنجليزية، وأتذكر والدي رحمة الله عليه وكان عضواً في مجلس الشعب ورئيس اللجنة الثقافية أن غضب وطلب من الوزير أن يجعل درجة اللغة العربية ضعف اللغة الإنجليزية وتحدث معه تليفونياً وقال له اللغة العربية هاتضيع ولن تجد من يتحدثها أو يكتب بها وفي هذا ضياع للهوية المصرية والعربية وللثقافة والإبداع ... فما كان من الوزير إلا أن قال له هذه هي المعايير العالمية الدولية في تقييم المواد وفي التعليم المصري الذي يجب أن يصل إلى العالمية من خلال اللغة الإنجليزية وأهميتها... ومرت السنون وبدأت أحاضر وأدرس في جامعات مصرية لطلبة إعلام وألسن وآداب وتجارة فكان مستوى اللغة العربية يدعو إلى الرثاء وإلى الألم.
وحين أصبحت عميدة لكلية اللغة والإعلام إيماناً مني بقيمة اللغة وأهميتها وضعت اللغة العربية لتكون مادة أساسية للطلاب على مدار سنوات الدراسة سواء دارس الإعلام أو اللغة والترجمة... ومع هذا فإن المعاناة التي نجدها أنا وزملائي الأساتذة والإعلاميون والمترجمون تؤكد أن الطلاب يعانون من كراهية اللغة العربية واحتقارها وعدم احترامها وتقديرها باعتبار أنها ليست اللغة المؤثرة في المجتمع وفي سوق العمل، ولأن مناهج تدريسها في المدارس تركز على القواعد والصرف والنحو وتتغافل الأدب والبلاغة... واليوم والسيد الدكتور طارق شوقي يضع الاستراتيجية الوطنية للتعليم ... نجد أنه يصرح بأن التعليم سوف يكون من خلال التابلت وبنك المعرفة بعد أن تم منح مصر قرضا لتمويل التطوير في مصر من قبل البنك الدولي بقيمة 500 مليون دولار شريطة أن يكون التعليم تكنولوجيا ويستخدم التابلت واللغة الأجنبية والأساليب الدولية العالمية للتعليم عن طريق المشروعات الجماعية والبحث وليس عن طريق التلقين والدراسة والتعليم بالورقة والقلم والكتاب والامتحان الدوري الذي يوجد بين الأساتذة ... هل نجح التعليم الأمريكي فقدم لنا المتفوقين؟ أم أن التعليم البريطاني الدولي والألماني والفرنسي هو ما أثبت النجاح؟ أم أن التعليم الياباني هو الملاذ؟ ما هو نظام التعليم الجديد الذي ينظمه الوزير وفريقه بعيداً عن أرض الواقع والثقافة والبيئة المصرية... تطوير التعليم يبدأ من كليات التربية لإعداد المعلم ثم من هؤلاء الخبراء الذين يضعون المناهج الدراسية وهم يشكلون قوة ضغط داخل الوزارة... ثم من بناء فصول ومدارس تستوعب الزيادة السكانية فلقد وصل عدد الملتحقين بالتعليم ما قبل الجامعي 19 مليونا... وبدلاً من القرض للتكنولوجيا، لماذا لم يكن لبناء مدارس ومساهمة المجتمع المدني بأكمله وخصم ضرائب من رجال الأعمال حين المساهمة في بناء مدرسة بدلاً من جامع أو كنيسة لأن الأرض كلها مساجد الله... الاستراتيجية الوطنية للتعليم لا يمكن أن تكون مفاجأة يطرحها علينا الوزير ليقول المختصون والدارسون والمهتمون آمين خاصة أن مجلس النواب أصبح بعيداً عن الشعب ولا يمثله... عودة الكتاب ثم الاهتمام بالمعلم مادياً وعلمياً... والرقابة والجودة والثقافة واللغة العربية لتأكيد الهوية واحترامها... بالورقة والقلم... بالإنسان نبني الوطن والمستقبل وليس بالتابلت واللغات الأجنبية فقط... الأمة المصرية في خطر والتعليم قضية كل مواطن وحق دستوري للجميع، لذا.. لزم التنويه والانتباه.