د. حياة عبدون تكتب.. هل أنت الليث بن سعد؟
أنا حواالليث بن سعد كان فقيها، عالمًا وتاجرًا، ذات يوم رست سفينة له تحمل براميل من العسل فأتت له سيدة عجوز تحمل وعاء صغيرًا وقالت له "أريد منك أن تملأ لي هذا الوعاء عسلًا"، فرفض ولكنه طلب من مساعده أن يسأل عن عنوانها وأن يأخذ لها برميلًا كبيرًا من العسل، فأستعجب مساعده وقال له: "لقد طلبت كمية صغيرة فرفضت وها أنت الآن تعطيها برميلًا كاملًا؟، فرد عليه الليث بن سعد: " يا بني.. أنها طلبت علي قدرها وأنا أعطيها علي قدري".
العطاء صفة لم يمنحها الله لكل البشر، بل اختص بها من يري فيهم بأنهم لا يعيشون لأنفسهم بل لمنح الأخرين السعادة، يعطون برضا وبابتسامة دون طلب من الآخرين ودون انتظار المقابل، والعطاء ليس ماديًا فقط بل معنويًا فليس هناك أفضل من أن تمنح الفرحة في قلب تعيس، الأمل في قلب يائس والثقة في قلب ضعيف، قال الله تعالي: "لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون وما تنفقون من شيء فان الله به عليم" آل عمران.
اعمل علي أن تجود بأفضل ما عندك كما قال جبران خليل جبران "ليس السخاء بأن تعطي ما أنا في حلجة إليه أكثر منك، بل السخاء بأن تعطيني ما تحتاج إليه أكثر مني"، الليث بن سعد أعطي علي قدر ايمانه، ثروته، دينه، عطائه، كرمه، دون مقابل وسرا.
هل هناك في زماننا الآن الليث بن سعد؟ هل زماننا هو زمن العطاء ولا كما قال الامام الشافعي رحمه الله، "نعيب زماننا والعيب فينا.. وما لزماننا عيب سوانا.. ونهجو ذا الزمان بغير ذنب.. ولو نطق الزمان لنا هجانا، ولبس الذئب يأكل لحم ذئب.. ويأكل بعضنا بعضا عيانا.
هل لدينا رجال أعمال، مستثمرون لا يعملون علي زيادة ثرواتهم فقط بل يدعمون مشروعات تخدم أبناء وطنهم ويشجعون تطبيق الضريبة التصاعدية؟.
هل لدينا أصحاب مستشفيات خاصة، كبار الاطباء يعملون علي الحفاظ علي حياة وصحة المرضي وليس الحصول علي أموال المريض حيا أو من أهله بعد وفاته من أهمالهم؟ هل لدينا وزراء، محافظون، مديرون لا يعملون علي استغلال وظائفهم للحصول علي الاراضي وعلي مكاسب شخصية بل يعملون لله وللوطن ولتحقبق العدالة الاجتماعية؟ هل لدينا الموظف، الاعلامي، الطبيب، المدرس، العامل، الذي يراعي الله المتفان في عمله طوال ساعات العمل؟.
فلنحاول الآن أن نعطي بلا مقابل حتي من حرمنا واذا لم يكن لديك شيئًا تعطيه فتصدق بالكلمة الطيبة، بالابتسامة من القلب أو تعطي الآخرين عسلًا مثل الليث.