تكريم ”منى عنايت” أول فنانة تشكيلية في ألمانيا
أنا حواللمرة الأولى، كرمت مدينة «ليبزج» الألمانية فنانة مصرية وهي الفنانة التشكيلية منى عنايت بظهور اسمها ومقولات شخصية لها مدونة بالضوء على جدار مبنى وزينت صورتها شجرة مقابلة للمبنى في ميدان «فاجنر» أحد أكبر ميادين المدينة الألمانية، باعتبارها واحدة من مجموعة نساء ساهمن في كتابة أحداث المدينة منذ 32 عاما، فضلا عن تكريمها في وقت سابق بحصولها على جائزة «أيزولدا هام » الألمانية لأحسن فنانة لعام 2021.
تكريم أول فنانة مصرية بألمانيا
أما عن التكريم من المدينة الألمانية فيأتي اسم مني راجي عنايت مع نساء ساهمن في كتابة أحداث المدينة قبل 32 عاما، كنوع من التقدير لدورها في "ليبزج" عام 1989، وتوضح: "أنا المصرية الأولى التي تلتحق بالأكاديمية العليا للحفر وفن الكتاب، واستمر عملي ودراستي برغم خوف الجميع، واشتركت في الأحداث التاريخية خلال مظاهرات حقوق الإنسان والمعارضة فضلا عن حصولها على الدبلوم بدرجة امتياز".
تكريم بالضوء يتضمن اسم منى عنايت في ميدان فاجنر الألماني
تم اختيارها ضمن 6 سيدات نفذن دورا واضحا في تشكيل البلد من خلال تغيير فعال للوحدة الألمانية، وباعتبارها الأجنبية الوحيدة تم اختيارها للاحتفال بالضوء يوم الوحدة الألمانية، وشعرت بسعادة عامة بعدما رأت منزل بالكامل يحمل أقوالها وأفكارها مدونة بالضوء، ومنها:
إثبات الذات
تروي عنايت بداية تفكيرها في السفر إلى ألمانيا، إذ كانت رافضة مبدأ "الواسطة" واستخدام اسم والدها الكاتب والمفكر الراحل راجي عنايت في الحصول على حقها بالتعيين في كلية الفنون الجميلة حيث درست وتخرجت بترتيب الأولى على الدفعة، ولكن قوبل هذا التفوق الدراسي بالرفض ان تكون معيدة من قبل الجامعة.
الإصرار على إثبات الذات بعيدا عن اللجوء لاستخدام اسم الأب أو الأم الفنانة شويكار عكاشة مديرة الأوبرا القديمة، كان سببا في السفر إلى ألمانيا، أعدت عدتها من ثقافة ومعرفة بتاريخ البلد وتعلمت اللغة الألمانية ثم سافرت في عام 1988 حاملة مصر في ضميرها قبل قلبها، على حد وصفها.
لم يمانع الأهل قرارها بعدما لاحظوا المجهود التي بذلته، والتحقت بالاكاديمية العليا للحفر وفن الكتاب لاستكمال الدراسات العليا.
وقالت عنايت : "درست على يد أكبر بروفيسور في الحفر والتصوير وتنبأ لي بمستقبل باهر إذا طلب مني عدم العودة إلى مصر وسيتكفل بمصاريفي اللازمة من ماله الخاص، لكني رفضت المساعدة المادية عدا قبول منحة دراسية من هيئة التبادل العلمي".
شقاء في الغربة
واجهت منى العديد من التحديات أبرزها قلة المال مما اضطرها للعمل في وظيفتين صباحية في توزيع خطابات البريد ومسائية عاملة في الأوبرا بجانب دراستها، شهدت هذه الفترة الكثير من التوترات خلال الحكم الانتقالي بين ألمانيا الشرقية.
قررت الاستمرار والبقاء في البلد رغم خوف الجميع من العنصرية واليمين المتطرف، وتقول: "مقتنعة أن الإنسان الذي يعيش حاملا جذوره الأصلية لا يهاب شيئا ولا يصيبه سوء، برغم أن الجميع قال لي أنه لا مستقبل لي في البلد ولكن صممت على هدفي بدعم والدي ووالدتي".
تُعامَل الدراسات العليا باعتبارها درجة أستاذية، وتعد أعلى مستوى يصل إليه الفنان التشكيلي في ألمانيا، ورغم ذلك لم تفضل العمل الاكاديمي لرغبتها في تكريس مجهودها للتربية وتنشئة الأجيال: عملت لمدة 15 عاما حتى حصلت على تصريح تدريس في ألمانيا وتقول : أستطيع من خلال التدريس من الصف الأول الابتدائي حتى الجامعة تحقيق هدفي مع الجيل الجديد بالحلم بمستقبل افضل".
الطفولة هي المستقبل
"الطفولة هي المستقبل" هذا ما آمنت به منى عنايت نظرا لنشئتها على يد والدها المؤمن بالقضية نفسها والذي كان اول من كتب في علوم المستقبليلت في العالم العربي .لهذا سلكت طريق مزدوج للعطاء الفني من خلال أعمالها والتدريس للأطفال حتى أستطاعت العرض في أكبر متحف في ألمانيا، ويصل عدد الأطفال إلى 450طفل أسبوعيا.
مواهب متعددة تتمتع بها منى عنايت بين الرسم والغناء والتلحين والكتابة والترجمة أيضا لقبت بالفنانه الشامله. وقامت بالغناء في اوبرا ليبزج وفي اكبر مركز للموسيقي الكلاسيكيه باللغه المصريه معتزة بأصولها وجذورها.
نفذت أيضا مشروع يحمل اسم "عالمنا الملون" للأطفال والذي تم تدريسه في العديد من المدارس لكل المراحل التعليمية يتضمن عدة رسائل منها أن العالم المختلف المتآلف لأن الاختلاف يؤدي إلى الثراء الإنساني والوجداني، ونبذ كل اشكال العنف و العنصريه بين كل الشعوب والاديان المختلفه وخاصه مجموعه مدارس ران التعليميه حيث تعمل بين المانيا ومصر.
وحرصت مني عنايت علي التعاون الدائم مع السفارة المصريه والمكتب الثقافي في برلين. وعينت من قبل جهة ألمانية لمدة ثلاثة شهور كسفيرة مصر الثقافية في سفارة افتراضية كنوع من التكريم لما تقدمه لمصر في المانيا.
رحلة طويلة قضتها منى في البلد الأوروبي لإيجاد إجابة لسؤالها "هل فني سيصل دون مساعدة مادية أو معرفة أو واسطة !"، وتستكمل: "حاليا أعرض أعمالي الفنية في أتيليه خاص بي أسسته في منطقة بعيدة عن أماكن العرض الفني المتعارف عليها".