هند الصنعانى تكتب.. في زمن الفيسبوك.. صراحة ام وقاحة
أنا حواأصبح الفيسبوك اليوم نافذة كبيرة ومهمة نطل من خلالها على مجتمع غريب متداخل وبدون حدود، ففي هذا الزمن سقطت كل الأقنعة وأزيحت الستائر وأصبح كل شيء مباح بدون محاسبة أو قيد، فأصبح منبرا مباشرا لكل من يريد إبداء رأيه حتى ولو كانت بطريقة فجة ومهينة للناس، فهو بدون رقيب أو محاسب، فاختلط فيه الصالح بالطالح، والحسن بالقبيح، والطيب بالشرير، فأصبحنا نتصف بـ "الوقاحة" تحت مسمى "الصراحة".
وفي هذه الحياة المتقلبة، قد نواجه اناسا كثيرين يتسمون بصفة الوقاحة، وبحكم التربية والثقافة قليل منا يستطيع صد هذا النوع الذي يتعاطى كل يوم ومن وراء شاشاتهم حبوب الوقاحة ظنا منه انها حبوب الشجاعة والصراحة.
الصراحة والوقاحة عملتان مختلفتان لمن يجهل الفرق بينهما، فالوقاحة صفة من لا يجيد فن اللباقة، ليس من السهل على الإنسان أن يتصف بصفة الصراحة، فهي إبداء الرأي بلباقة وشفافية مع التركيز على الإيجابيات ومراعاة شعور المتلقي.
هناك العديد من الأشخاص يختبؤن خلف قناع الصراحة فقط ليهاجموا الناس، فهي بالنسبة لهم هي طريقة للتعبير عن عقدهم النفسية وعن الغل والحقد المتراكم.
من الغباء ان نعتقد أنها شطارة أو نباهة أن نجرح قلوب الناس تحت مسمى الصراحة، لأنه من السهل الرد، لكن هناك اشخاصا تلقوا تربية مختلفة تمنعهم من التدني والتعامل بالمثل.
ولو ارتأينا أن الشخص الذي امامنا يستحق التنبيه أو النصيحة، يجب أن يكون ذلك سريا فلا داعي للانتقاد العلني الذي يتحول الى تجريح وتنمر.
علينا أن نجعل الهدف من النصيحة تطوير الشخص وتطوير علاقتنا به لا تدميره والتقليل من شأنه، وذلك بالتركيز على مميزاته أكثر من تركيزنا على عيوبه فكلنا عيوب لولا ستر الله يغطينا.
وأخيرا، لسنا مجبرين أن نعطي نصائح لأحد، من الأفضل أن نحتفظ بها لأنفسنا وأن نكتفي بإصلاح أنفسنا، وبالتالي سنساهم في تغيير مجتمعنا والتخلص من انتشار الصفات السوداء التي تهدم العلاقات الإنسانية.
الصراحة أقصر طريق للوصول الى الحب و الاحترام و دوام العشرة، أما الوقاحة فهي أقصر طريق لهدم وتدمير أي علاقة مهما كانت قديمة وصلبة، فنحن نحتاج الى بناء صداقات نفتقدها في الوقت الحالي، نحتاج الى قلوب صافية تصادقنا بدلا من قلوب تخوننا، نحتاج الى من لا نخجل منه لإظهار ضعفنا وعقدنا ونحكي ما بداخلنا بدون تكليف أوتجميل، نحن نحتاج الى من يحبنا رغم نواقصنا.