د. حياة عبدون تكتب.. من الحياة.. مدرسة المنافقين
أنا حواكلما قرأت "الامير" لميكافيلي هذا الكتاب الذي يعد أول كتاب في علم السياسة، أرفع القبعة لـ"ميكافيلي" لإنه استطاع أن يغوص في النفس البشرية ويبرزها علي السطح لنراها بعين الحقيقة.. في هذا الكتاب قدم "ميكافيلى" نصائح للأمير كيف يحكم.. وكيف يدير البلاد.. وقد وصف له المنافقين وصفاتهم وكيف يتعامل معهم ويحيط نفسه بهم، فوجدت نفسي وأنا اتابع كثير من الوجوه الاعلامية والسياسية أن مدرسة النفاق والمنافقين قد أخرجت علي مدى العصور تلاميذ من المنافقين يسيطرون ويسودون، وألاحظ أن "مدرسة النفاق" قد أرست أسس وقواعد اتبعها كل مسئول وكل مدير علي مدي عصور طويلة علي كل مستويات الإدارة.
فالنفاق يتميز بسمات وقواعد لا تتغير منذ قديم الزمان ولن تتغير حتي تقوم الساعة.. من أول مدير المدرسة أو المستشفي أو رئيس التحرير في جريدة أو نقيب أحد النقابات، أو رئيس أحد الاحزاب.. أو أو .. هذه المدرسة التي تسود في القطاعين الخاص والعام وستجد أن كل ما أوصي به "ميكافييلي" يسود في كل منظومة وفي كل إدارة.
"احتفظ بأكبر عدد من المنافقين الى جوارك، بل وشجع المبتدئين منهم على أن يتمرسوا على أفعال النفاق والمداهنة، لأنهم بمثابة جيشك الداخلي الذي يدافع عنك أمام الشعب باستماتة".
سيباهون بحكمتك حتى لو كنت أكبر الحمقى، ويدافعون عن أصلك الطيب حتى لو كنت من الوضعاء، ويضعون ألف فلسفة لأقوالك التافهة، وسيعملون بكل همة على تبرير أحكامك وسياساتك العشوائية، ويعظمون ملكك، كلما أمعنت فى الظلم وبالغت فى الجباية.
ثم ألق لهم بعض الإمتيازات التافهة التى تشعرهم بتفوقهم عن باقي الشعب، ولكن إحذر، لا تتخذ منهم خليلًا أو مشيرًا لك، ولا تأخذ منهم مشورة أبدًا، لأن مشورتهم خادعة، ومجالستهم ستجذبك فورًا الى الوضاعة وتجلب لك العار.
ألق لهم الفتات بإحتقار ولا تعل من قدر أحدهم، إجعل لهم سقفًا لا يتخطونه، وكن على يقين انهم سيصبحون أكبر خطر يتهددك، وسيتحولون فى لحظة الى ألد أعدائك، إذا تهاوى ملكك أو ضعف سلطانك، أو ظهر من ينافسك بقوة على العرش.
سيبيعونك فى لحظة لمن يدفع أكثر، ويقدمون فروض الولاء والطاعة لمن يأتي من بعدك بدون لحظة أسف على رحيلك.
يجب عليك أيها الأمير أن تتعلم كيف تفرق بين حقراء القوم وأعزتهم،
والمنافقون هم أحقر البشر وقد أوجدتهم الطبيعة لخدمة الملك، كما أوجدت الكلاب لخدمة الراعي، وهم موجودون فى كل الممالك والسلاطين وحيثما يوجد الحاكم تجدهم ينامون على رصيف القصر.
هل ذكرتك كلمات "ميكافيلي" بكم المنافقين والمتلونين الذين يتبعون هذه المدرسة في كل إدارة وفي كل اتحاد أو في كل وزارة.؟
هل ونحن في مرحلة بناء مصر الجديدة سنقضي علي هذه الآفة؟، هل ونحن نحارب معركتنا ضد الإرهاب وضد الفساد لابد أيضًا من محاربة النفاق والقضاء عليه؟.
هل سيختفي النفاق والمنافقين في يوم من الأيام أم انهم لن يختفوا من المشهد حتي يوم القيامة؟.