بقلم : هند الصنعاني
”النفار” ...إرث رمضاني ناشر للبهجة في شوراع المغرب
أنا حواالنفار...كلمة مغربية تعني في مصر "المسحراتي"، شخصية محبوبة ومميزة مرتبطة بشهر رمضان الفضيل.
في هذاك الشهر الكريم، يتميز في جل المجتمعات الإسلامية بطقوس دينية وعادات وتقاليد اجتماعية متنوعة تعبيرا عن حفاوة المسلمين بشهر. الصيام.
ومن مظاهر الإرث الرمضاني التقليدي التي لم تندثر في المغرب، على الرغم من تعاقب الأجيال والتغيرات التي طالت معظم أوجه الحياة، النفار، هذا المصطلح الذي يدل على آلة النفخ النحاسية التي لا يقل طولها عن متر، كما يدل في نفس الوقت على صاحبها وعازفها، فالنفار هو ذلك الشخص الذي يتجول بصحبة "الطبال" و"الغياط" يجوبون الشوارع العتيقة أو الشعبية كلُّ بآلته، قبل آذان الفجر بساعات قليلة، يوقظون الناس لتناول السحور، النفار بآلته الطويلة، والطبال يقرع طبله، أما الغياط فيستعمل مزمارا من الحجم الصغير.
وقد ينتظر الناس مساء ليلة حلول شهر رمضان مرور "النفار" مع "الطبال" و"الغياط"، كل واحد يوجه فوهة آلته إلى النوافذ والأبواب ووراءهم الأطفال فرحين والنساء مهللين بالصلوات على سيدنا محمد بالطريقة المغربية المشهورة: "الصلاة والسلام على رسول الله، لا جاه الا جاه سيدنا محمد، الله مع الجاه العالي..." وتليها زغاريد احتفاء بقدوم الشهر الفضيل والكل يستمتع بفرجة الاستعداد لشهر الغفران التي ينشطها الثلاثي بأذكار ربانية والصلاة على سيد البرية محمد صلى الله عليه وسلم.
النفار في المغرب يجب أن يكون حافظا للتراث المغربي الأصيل والمدائح النبوية التي يرددها وهو يجوب الأزقة للحصول على القبول لدى الناس.
وحتى ان كانت طلقات المدافع تسمع من أعلى أبراج المدن المغربية لتنبيه الصائمين بموعد الفطور والسحور، يظل النفار تلك الشخصية الأنيقة التي تظهر ليلة رمضان بالزي التقليدي المكون من الجلابة والطربوش والبلغة ثم يتوارى عن الأنظار بمجرد الإعلان عن يوم عيد الفطر، ليظل صورة تعبر عن ثقافة وجمال وعمق فني أصيل متجدر ومتوارث.