جمعهم فقدان البصر وحب الفن.. مكفوفون مغاربة يكسرون الظلام بالعزف
أنا حوابعدما جمعهم فقدان البصر وحب الفن، أطلقت فرقة "أوتار" هي مجموعة موسيقية رأت النور بالعاصمة الاقتصادية للمغرب، الدار البيضاء، منذ أزيد من 9 سنوات، جمعت بين شباب مكفوفين ذوي مواهب متعددة. اختلفت الآلات والألوان الموسيقية، لكن الشغف واحد وحلم النجاح هو محركهم.
وجاءت فكرة تأسيس الفرقة الموسيقية في أواخر عام 2012، بإمكانيات بسيطة لطلاب يملكون بالكاد ثمن الحافلة ودريهمات لشراء بعض الطعام. 3 شباب، من أصحاب الهمم، فقدوا حاسة البصر، لكن بصيرتهم قادتهم للبحث عن تحقيق حلمهم بتشكيل فرقة موسيقية يبرزون مواهبهم من خلالها.
نقطة البداية كانت في "المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين"، حيث كانوا يتلقون الدروس الأكاديمية، فكانوا يقضون وقتا طويلا مع بعضهم البعض.
وفي ساعات الفراغ الطويلة، بزغت رغبة جامحة في سد فجوة الزمن، منهم من برز في الرياضة ومنهم من نظم الشعر. أما مروان وأصدقاؤه، فكان النغم هو مَفرّهم من رتابة الدروس والحياة داخل الحي الجامعي.
فكرة تتحدى الظلام
في معهد للموسيقى تفتقت الفكرة وناشدت المواهب الكفيفة بالانضمام للمشروع، كل حسب ميولاته، فمنهم من يعزف على الكمان ومنهم من يحب إطلاق العنان لأحباله الصوتية. هكذا رأت فرقة أوتار النور، وانطلقت في مسارها الفني باثني عشر عازفا وأربعة مغنين، معظمهم يفكون شفرات السلالم الموسيقية بإتقان لأنهم يدرسون بالمعهد الموسيقي.
في مقر الجمعية بالدار البيضاء، يلتئم أفراد فرقة أوتار الموسيقية بقاعة التمارين، كل عناصر هذه المجموعة الغنائية من المكفوفين وضعاف البصر. والإعاقة ليست القاسم المشترك الوحيد بينهم، بل حب الحياة وعشق الموسيقى هو أكثر ما يجمعهم.
يقول رئيس الفرقة مروان دادان، 24 عاما، إن هذه المجموعة هي عبارة عن ملاذ جميل يلجأ إليه هؤلاء الفنانون المكفوفون. وهي طريقة لتقاسم حب جارف للآلات الموسيقية التي يسافرون عبر أوتارها إلى عالم الفن بدون تأشيرة.
تابع دادان قائلا: "هناك انسجام رائع بين أفراد المجموعة. فهي فضاء يتسع للجميع. هناك تناغم بين العازفين. لدينا آلات متنوعة منها البيانو والدف والغيتارة والرق. وأصغر أعضاء المجموعة لا يتجاوز عمره 16 عاما وهو عازف ماهر على آلة البيانو".
مروان مؤسس الفرقة الموسيقية، موجز في الأدب الإنجليزي ويُحضر إجازة أخرى في العلوم الموسيقية، كما يدرس بالموازاة مع ذلك آلة البيانو للسنة السادسة على التوالي.
يؤكد الشاب ضمن حديثه، بأنه يحرص خلال كل حصة تدريبية على ضمان التناغم بين العازفين كيفما كان اللون الموسيقي. "فبالرغم من كوني مكفوفا، فإنني أرى تقاسيم وجوه أعضاء الفرقة، وأستشعر كل النغمات بجوارحي لأن الموسيقى لغة تخاطب الأحاسيس".
يصر أعضاء فرقة "أوتار" على أن يكون لهم موطئ قدم في عالم الفن. ويحرص "مايسترو" المجموعة على جلب مواهب جديدة لإغناء هذه التجربة.
يقول مروان دادان، بهذا الصدد، "نجد صعوبة في إيجاد مواهب فنية لإدماجها بالمجموعة، خصوصا أننا نبحث دائما عن أشخاص مكفوفين أو ضعاف بصر؛ نريد أن تكون "أوتار" تجربة متفردة تضم حصريا أصحاب الهمم. وهذا ليس تمييزا، فلا مانع لدينا من الاشتغال مع فنانين مبصرين، غير أن ما يميزنا هو أننا مكفوفون، وهي بالنسبة لنا تمييز إيجابي يزيد من توهجنا".
يؤمن شباب الفرقة الغنائية بمواهبهم الفريدة إلى درجة أنهم حولوا حصص التمرين إلى فرصة للخروج من الحواجز الزمكانية، عبر الانصهار في المجموعة بحثا عن التناغم والانسجام، وهو ما أعطاهم زخما كبيرا، بحيث أصبحوا يشتغلون في حفلات كبرى وتتم دعوتهم لتنشيط مناسبات ثقافية مهمة.
يصر أعضاء فرقة "أوتار" على أن يكون لهم موطئ قدم في عالم الفن. ويحرص "مايسترو" المجموعة على جلب مواهب جديدة لإغناء هذه التجربة.
يؤمن شباب الفرقة الغنائية بمواهبهم الفريدة إلى درجة أنهم حولوا حصص التمرين إلى فرصة للخروج من الحواجز الزمكانية، عبر الانصهار في المجموعة بحثا عن التناغم والانسجام، وهو ما أعطاهم زخما كبيرا، بحيث أصبحوا يشتغلون في حفلات كبرى وتتم دعوتهم لتنشيط مناسبات ثقافية مهمة.
لم تُخف وهيبة هودج، 24 عاما، من مؤسسي الفرقة، فخرها بالانتماء لفرقة أوتار.
وقالت إن الاشتغال مع فنانين مكفوفين مثلها مكنها من تعلم الكثير، بما في ذلك الصبر والعزيمة والإرادة.
الشابة الطموحة أكدت أنها تتمنى أن تنجح الفرقة في إسماع صوتها والمضي قدما نحو محافل كبرى على المستوى الوطني ولم لا الدولي، "لأن الإنسان الكفيف، وإن كان لا يتمتع بنعمة البصر إلا أنه يمتلك بصيرة وطموحا كبيرا"، داعية إلى دعم أصحاب الهمم والأخد بيدهم لسقل مواهبهم والتعبير عن مكنوناتهم في شتى الميادين.