تمارا سعد فهيم تكتب : كلمات
أنا حواهناك من دفع بحياته ثمنا لكلماته، وهناك من تقوقع وصومعته ينعى كلماته ويستر نفسه بأوراق الشجر !.
هناك من وقف على الحياد وجامل واستكان، وهناك من صمت وعاش جبان.
هناك كلمة لها أجنحة النسور تصعد بنا إلى السماء وتفعل منا معجزات. وهناك كلمة شرسة تنهش فينا كما العصفور للذبح مهان، بخربشه فى النفس وإهانه للكيان ، كلمات من مخلوقات صعب ان تنتمى للإنسانية ولو فى ظل انسان ... مخلوقات قاسية لا تأخذ منها سوى لسان سليط بماء مالح ووجه كالح وفى ذكراهم يفضل النسيان !.
وهناك وجوه مشرقة بكلمات، يوم تتعتم الأيام ويتسرب اليأس إلى النفس، نبحث عنها ببكاء أطفال صادق فى التأثير وقوى فى التأثر، كلمات تمطر لها السحب وتزيح من أمامها الضباب وتشرق الشمس وليختفى الظلام، تدرك معنى التشاؤم وتعيه جيدا وتفهم عواقبه، فتفلت منه بالتفاؤل، وما أحوجنا لهذه الكلمات يوم جفاف النبات، يقولون عنها كلمات تفوح برائحة الورود متفائلة، ولكنى أرى فى باطنها أنهار مياه حية لا تجف من قوة الإيمان.
وهناك كلمات تطعن فى الخلف ولا يجرأ صاحبها البوح بها فى الأمام، باختصار لأنه جبان، يتمنى الشر!، يهواه ويخشاه!، صاحب التناقض والوجهين ذو الخيال المريض، ننظر له فنجد بيته من زجاج.
وهذا محترف فن السخرية، من ثقل حياته يفرج عنها بكلمات "قفشات" ولكنها تحمل فى طيتها معانى يقشعر لها الوجدان.
وآخرون حكمت عليهم الحياة بظروف قاسية، خذلتهم منذ نعومة أظافرهم، ونقشت على وجوههم كلمات تعلو الجبين وتسكن العينين، كلمات تتعثر منها الشفاه فتتبعثر حروفها، وهنا يته ته صاحبها ونسمعه وقد كسرته الأحزان وصدمته الأيام.... ومعه يأتى دورك وكل لبيب بالإشارة يفهمه ويعيه ويراعيه قبل أن يسمعه!
وهناك من يسبح مع التيار ويفبرك كلماته لصالح راحة باله، ينصف ويشمت فى آن واحد!!! ومن أين له من مبدأ؟!، بكلمته يرفض بشدة أن يسبح ضد التيار، يتحاشى عواقبه القوية أن تفضح أمره الضعيف وحجمه الصغير، يهاجم من باب الهجوم وليس له حجة سوى صخب فى الحياة وصراع حبا فى الصداع !، ويهتف من باب الهتاف بكلمات يتغذى عليها القطيع!. انه مجرد بالون منتفخ بالهواء!! ، ننبهر بأشكاله وحجمه وألوانه، وفى يوم الأشواك نتعشم فيه ونترجاه ونذهب لنبحث عنه "فلا نلقاه"!. مجرد فرقعات ترقص فقط فى الهواء .
وأه كلمات الآهات ....صراخ كهل يرثى بها شباب وشبات لنستيقظ على الأاحزان ونكتشف اننا نحيا فى زمن الصدمات' فيه الصغير من الأموات والكبير يعجز بهجوم الأمراض... زمن مرير ليس له معايير تنقلب فيه الأوزان! وتعلو اصواتنا بشكوها إلى الله جل جلاله فى علاه ليصرف عنا عذاب الأوبئة والامراض وبكاء العجوز وصراخ الأطفال وضياع عمر الصغار بكلمات تعانى اوجاع الفراق وغياب الفرحة و البهجة من بعد انتقال الأحباء. وعاش سفير الكلمة الطيبة ليرفع راية مواقفه المنصفه ويشفى بكلماته الوجدان... هذا الغالى والإنسان الجميل معدنه النفيس يلمع فى الأزمات ليتحمل العناء ويجازف بالعواقب لكى ما ينتصر بالمبدأ، طوفان من الكلمات تعجز عن أن تعطيه حقه، وله منا كل الأمتنان ، فحبه يملك القلوب وذكراه عطرة وحاضره فى الأذهان.
الكلمة رسالة، هناك من يرسلها لنا وهناك من يرسلها لنفسه، هناك من يأخذ بأنصاف الحلول ويمسك بالعصا من الوسط، ويعيش على الحياد، ويغربل كلماته ويفبركها ويتوهم أنه تنحى عن غبارها، وأراح نفسه! ولكنه فى الحقيقة سوف يعانى مر المعاناة. فما زرعه الإنسان إياه يحصد، الكلمة الصادقة والكلمة المزيفة لكليهما لهم ضريبة، وعليك أن تعى بوعيك ضريبتك قبل أن تختار كلمتك، وتعرف أن هناك من يمضى وتمضى معه كلمته ونهوى به النسيان ! ، وهناك من يمضى ويحيا ويثمر ولتستمر كلمته، الكلمة مبدأ إما أن يعلو برأسك وإما أن ينكس رأسك!، ولك حرية الاختيار.