سحر الجعارة تكتب: الرهان على التنوير
أنا حوامزعج هو صديقى المفكر الدكتور «خالد منتصر»، الطبيب والإعلامى، يفكر كثيراً ويقلق جثث التراث فى مراقدها، ينتصر للعلم فى مواجهة الخرافة، لم يفقد إيمانه بالقدرة على التغيير يوماً، ولا سلم «عقله».. مهما حاصروا وشهروا به وكفروه ولعنوه.. «الإزعاج» سمة حميدة إيجابية تحرض الإنسان على التفكير، على مراجعة مواقفه وثوابته الزائفة.. لكنه أحياناً يجرنا لمعارك جانبية مفتعلة من «لوبى التخلف».
نجح «منتصر» مؤخراً فى إثارة الجدل مجدداً حول قانون التبرع بالأعضاء «المختوم بالشمع الأحمر»، فك أحرازه وحرره من «فتاوى التحريم» عملاً بقول المولى تعالى: «فكأنما أحيا الناس جميعاً»، أثبت للعالم أن «المثقف» قادر على تغيير المجتمع وخلق حالة إيجابية تفيد الإنسانية.. أثبت أن الرهان على الوعى.. على التنوير.. لكن البعض يريدها مظلمة، البعض يسعى لتمكين «الكهنة» من السطو على الدولة، أو حكمها من الباطن بقوة «الفتاوى»!.
فى مقابل الدعوة النبيلة من الدكتور «خالد» للتبرع بالأعضاء، ما الذى تتوقعه من أزهرى سبق له أن كفر الأقباط فى مناظرة تليفزيونية معى؟!، ماذا تنتظر من «إخوانى» يتبوأ أفضل المراكز فى الأزهر الشريف؟.. ظهر «عبدالمنعم فؤاد»، المشرف على الأروقة العلمية للأزهر، وخطيب بالجامع الأزهر، من قبل، فى فيديو رهيب وهو يتأسى لحال مرسى العياط، الذى اتهمته كاتبة (وصفها بأنها غير مؤدبة، لأنها كتبت جواز مرسى من فؤادة باطل).. ثم يهاجم «مانشيت» لصحيفة «صوت الأمة» التى وصفت مرسى بأنه يحكم بالجزمة، ووضعت الجزمة إلى جوار صورة رئيسه مرسى -كما يشدد «فؤاد» على وصفه- ثم وصف الأزهرى الجريدة بأنها (لا تمارس حرية التعبير، بل قلة الأدب والوقاحة)!.
هل تتوقع من إخوانى بارك نظام المرشد، ثم بدل جلده، أن يقف فى خندق واحد مع نظام 30 يونيو.. مع المواطن البسيط الذى يحتضر انتظاراً لمتبرع بعضو بشرى؟، مهما تباكى وهو يتحدث عن أخلاق الإسلام ووسطيته؟!.
يحاول «فؤاد» إرهاب المجتمع بفتاواه، وعلى صفحته بـ«فيس بوك» اتهم الفنانين والشخصيات العامة التى شاركت «منتصر» فى حملته للتبرع بالأعضاء بعد وفاتهم، بالسعى لتحقيق «تريندات» وهمية!.
كعادته يلجأ «فؤاد» لتشويه وجه الوطن بوصم أصحاب المبادرة بالهرب من البعث: (لا تتوهّموا أن توزيع الأعضاء، والتبرع بها: هو هروب من البعث، والحساب أمام رب العباد، فهذا وهم الشياطين) إنه يساوى بينهم وبين الشياطين، وهو يعلم تماماً أن فى هذه الدولة قانوناً ينظم التبرع بالأعضاء!
وفى محاولة رخيصة لتأليب الرأى العام ضد الفنانين (أولهم النجمة إلهام شاهين)، يقول: (الأولى والأنفع لهؤلاء بدلاً من الضجة المفتعلة هذه أن يعلنوا بحق: التبرع للمرضى، والفقراء، والمساكين، بما لديهم من ذهب، وفضة، وماس، وألماظ، وشقق) فتبرعهم بأعضائهم بعد الممات أيضاً «وهمى»؟!.
هل يريد «فؤاد» تعطيل الدستور الذى ينص فى المادة 61 منه على أن: (التبرع بالأنسجة والأعضاء هبة للحياة، ولكل إنسان الحق فى التبرع بأعضاء جسده أثناء حياته أو بعد مماته، بموجب موافقة أو وصية موثقة، وتلتزم الدولة بإنشاء آلية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها، وفقاً للقانون)؟!.
أم أن دستورهم ينص على أنهم «ظل الله» على الأرض وأنهم أوصياء على الإنسان وجسده واختياراته وحياته ومماته.. حتى اعتقدوا أننا سجلنا أجسادنا باسم «الكهنة»؟ «فتش إذاً عن عقوبة تعطيل العمل بالدستور فى القانون».