محمود حسن يكتب: ظاهرة الطلاق.. الأسباب - النتائج - الحل
أنا حوا
لقد إنتشر الطلاق إلى أن أصبح ظاهرة مخيفة ' الأمر الذي يستوجب ضرورة الدراسة والبحث ' ولا يجب ترك هذا الخطر الداهم الذي تسرب إلى معظم المنازل عبر الثقوب وملئ الشقوق فزلزل البنيان الرصين ' وقوض الميثاق الغليظ ' ولم يحرك ذلك فينا ساكنا ' بل ونتعامل معه بتجاهل وعدم مبالاه وأصبح أمرا مألوفا '
والأمر جد خطير لأن الطلاق يتعلق بحياة إجتماعية غاية في الأهمية والخطورة ' والأصل فيه أنه أبغض الحلال الذي نضطر إليه عند إستحالة الحياة أو حينما يصبح هو الحل الأوحد '
فهل يمكن أن نتصور أقامة مصنع بدون دراسة جدوى ؟ مهما كان نوع المنتج حتى لو كان ضارا كالسجائر وخلافه '
فكيف لا نهتم بمشروع العمر ' كيف لا ندرس ونخطط لمصنع منتجه طفل ( إنسان ) بريئ لا ذنب له '
الزوجان هما نواة الأسرة ' والأسرة هي نواة المجتمع وإذا فسدت الأسرة فسد المجتمع '
فالزواج من حيث الأصل هو شركة أبدية ذات مسئولية غير محدودة بين شريكين يتحمل كل منهما حصته من المسئولية لإنجاح تلك الشركة والوصول بها إلى الهدف وهو بناء أسرة مستقرة مترابطة '
فما هي عناصر النجاح ؟
وماهي دوافع الفشل ؟
إن اهم عناصر النجاح هو معرفة ماهية الزواج وهذا يتطلب ثقافة تبدأ منذ الصغر تدرس وتلقن للطفل كمنهج تعليمي وكمادة دراسية هامة عن طبيعة الزواج من حيث الحقوق والواجبات ' وتساهم الأسرة ودور العبادة ودور الثقافة في ترسيخ هذا المنهج في أذهان النشء ' فالزواج ليس عملا ترفيهيا أو لعبة ممتعة أو تجربة لبعض الوقت ' الزواج هو الحياة بكل تفاصيلها بحلوها ومرها ' بجمالها ومآسيها ' بمعانتها ومتعتها ' هو سنة الحياة وسر بقائها '
وهو بالأصل آية من آيات الله عز وجل ' وصدق حين قال " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "
لذا فقد وضع له عز وجل قواعد وأسس ومنهج وشروط وبين لنا سبل النجاح ' من خلال اتباع منهج إجتماعي بينه في جميع الرسالات السماوية ' وبين لنا الشروط الواجب توافرها في الزوج أو الزوجة وما هي العيوب التي يمكن التغاضي عنها والأخرى التي لا يمكن التغاضي عنها والتي سوف تؤدي إلى طريق مسدود تستحيل معه الحياة ويتم الإنفصال الذي يتحمل فيه كل الأطراف نصيبه من المعناة والألم والتكاليف ' والأطفال هم أكثر المتضررين من مصير لا يد لهم فيه '
أسباب الطلاق
السبب الأول والأخير هو سوء الإختيار والذي يندرج تحته عناصر كثيرة منها عدم الإدراك لماهية مشروع الزواج برمته وبكامل تفاصيله الحياتية ' فضلا عن الظروف الإقتصادية وإنعدام القدرة على مواجهة الأزمات والتغلب عليها وغياب ثقافة التعاون والتضافر بين الزوجين لتخطي الأزمة '
العلاج والحل
ولأن الطلاق والإنفصال خطر يؤثر على المجتمع كله لذا وجب قيام المجتمع كله شعبا وقيادة ضرورة التصدي لتلك الظاهرة وإيجاد حلول جذرية لها تبدأ من التوعية والثقافة وتنتهى بتوفير سبل القدرة المالية على المعيشة الكريمة من خلال عمل بمقابل يوفي بمتطلبات الحياة ' فضلا عن توفير لجان ومنظمات وهيئات إجتماعية ونفسية متخصصة في حل الخلافات التي قد تنشب بين الزوجين والتفاني في إيجاد حلول عملية لها تفاديا للوصول إلى الإنفصال وتدمير الأسرة ' والتناحر في ساحات القضاء والدخول في دوامة رؤية الطفل الذي من أقل حقوقه هو العيشة المستقرة في حضن أبويه ' ناهيك عما يصيب المرأة التي حملت لقب " مطلقة " وما يخلفه هذا اللقب من الطمع فيها ورشقها بسهام نظرات جارحة ' بالإضافة إلى معاناة وتحمل مسئولية أكبر ثقلا من السابقة بعد أن تحولت إلى أب وأم في آن واحد '
إن إهمال هذه الظاهرة وإغفال خطورتها سوف ينتج رجل متهالك نفسيا غير قادر على الإنتاج ' وإمرأة ضائعة غارقة في عواصف الحياة بمفردها تحمل على عاتقها أثقال لا تطاق ' وطفل معقد نفسيا وممزق إجتماعيا وقع أسيرا لظروف قاسية فرضوها عليه بلا ذنب جناه ' فالآباء يعصرون السم بأيدهم والأبناء يتجرعونه . فماذا عساه قد إقترف هذا الوليد كي تحكمون عليه بهذا الحرمان الأليم ؟ وأي جريمة تلك التى يرتكبها الأبوين في حق فلذات أكبادهم ؟ .
أيها السادة:
الإنسان هو بناء الله في الأرض ' قاتل الله من هدمه أو ساهم في هدمه .