«زي النهاردة» وفاة القديسة المصرية فيرينا التي علمت سويسرا الطب والنظافة 1 سبتمبر 344
أنا حوارغم كثرة الاحتفالات المصرية فإنها خلت من الاحتفال بهذه السيدة التي علَّمت سويسرا الطب والنظافة، فيما تحتفل سويسراليوم بذكراها، أما عن تفاصيل القصة فنجدها في كتاب كان قد أمدنا به المهندس سمير متري.تقول سيرتها، إنها قديسة صعيدية اسمها فيرينا، تنتمى لقرية جراجوس بمركز قوص بقنا، وكانت ضمن الوفد الطبى الذي ضم ممرضات مصريات كن في صحبة كتيبة طيبة المصرية (نسبة إلى طيبة أي الأقصر)، وكانت هذه الكتيبة بقيادة القديس موريس،وقد أرسل هذه الكتيبةالإمبراطور ماكسيميان إمبراطور الغرب في الفترة من ٢٨٦ إلى ٣٠٥، في عهد الإمبراطور دقلديانوس إلى أوروبا في المكان الذي يقع اليوم عند الحدود الفرنسية مع سويسراوبلجيكا للقيام بأعمال التمريض وكان الإمبراطورماكسيميان قد قتل أعضاء هذه البعثة الطبية التي يبلغ عددها ٦٦٠٠جندي مصري لرفضهم عبادة الأوثان، وقام بتسريح الممرضات إلا أن فيرينا بقيت مع مجموعة من العذارى بكهف صغير وكانت تقوم فيه بحياكة الملابس وأعمال التمريض سرا، فلما انتهى عهد دقلديانوس وماكسيميان أيضا عام ٣٠٥، وبدأ عصر الإمبراطور قسطنطين الذي اعتنق المسيحية وأقرها ديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية انطلقت فيرينا واستقر بها المقام في مدينة تسورتساخ السويسريةولاحظت فيرينا جهل سكانها بالمبادئ الأساسية للنظافة والقواعد الصحية، فقامت بدورالمعلم المتنقل بين أنحاء البلدة وبيوتها،كما أخذت على عاتقها استثمارخبرتها الطبية في علاج المرضى، كما استخدمت موروثها الفرعونى في مجالى النظافة والطب حتى إنها نشرت بينهم ثقافة استخدام المشط المزدوج (الفلاية) لتصفيف شعورهم، وقتل حشرات الرأس كما نشرت بين الفتيات السويسريات ثقافة المحافظة على عفتهن، وعلى ذلك تكون فيرينا قد جمعت –فى دورها الرائد- بين إشاعة ثقافة النظافة والثقافة الصحية والعمل الاجتماعى الرائد والعمل الروحى كذلك. وقد اعتكفت فيرينا في كهفها أحد عشر عاما في زهد وتجرد إلى أن توفيت «زي النهاردة» في ١ سبتمبر سنة ٣٤٤،عن ٦٤عاماً وبعد هذا اليوم عطلةرسمية تحتفل فيه المؤسسات الرسمية وأفراد الشعب السويسرى بإقامة المعارض والحفلات الموسيقية وزيارة الأماكن التاريخية التي ترتبط بالقديسة المصرية.وكانت جمعية المحافظةعلى التراث برئاسة المهندس ماجد الراهب قد احتفلت في شكل ندوة كبيرة بدار الأوبرا وحاضرت فيها الدكتورة زينب صوان الباحثة في المصريات والمحاضرة في جامعات أوروبا والمعنية بقصة فيرينا وقديسات مماثلاث لعبن دورا مهما في أوروبا في تلك الحقبة ولدي الدكتورة زينب صوان تفاصيل أخرى أكثر ومثيرة وإن اختلفت وتعارضت مع بعض التفاصيل الأخري لدي المهندس سمير متري وقالت الدكتورة زينب صوان أن هذه القديسة جذبتني سيرتها الغنية وظللت أبحث عنها وعن الحقبة التاريخية التي عاشت فيها.
وكانت مصر آنذاك تتبع الإمبراطورية الرومانية حيث الإمبراطور ماكسيميان هو امبراطور الشرق الذي تتبعه مصر والإمبراطور دقلديانوس هو إمبراطور الغرب في أوروبا وهو الذي ارتكب المجازر بحقالأقباط المصريين في توقيت عرف بعصر الشهداء وهو المأخوذ عنه التقويم القبطي «تقويم الشهداء» وكانت هناك فرقة مصرية عرفت باسم الكتيبة الطيبية (نسبة إلى طيبا )تتبع ماكسميليان وقد خرجت هذه الكتيبة لإخماد ثورة (الباجور) في وادي الراين والذي كان يضم سويسرا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا وكان مصرحا –وفق العرف والتقليد الروماني – أن يصطحب المقاتل معه في رحلته من يريد ابنته أو زوجته أو خطيبته أو اخته وكانت فيرينا قد ذهبت بصحبة شقيقها القائد موريس وكانت هناك فتيات ونساء أخريات صاحبت الفرقة المصرية وبعدما شهدت فيرينا مقتل 6600 مقاتل مصري في مواجهة تلك الثورة انخرطت في سلك الرهبنة ومعها أخريات وعزفت عن الحياة ثم انخرطت في العمل الاجتماعي العام ودخلت بيوت السويسريين وهالها مارأت عليه هذه البيوت من قذارة وتفشي أمراض وعادات صحية وغذائية سيئة وضارة فاهتمت بتعليم أرباب وربات هذي البيوت المبادئ الصحية العامةوالعادات الغذائية الصحية والنظافة ويحتفل بذكري فيرينا حسب تقويم الشهداء (الرابع من شهر توت سنة 60 قبطية ) ولأن المنطقة التي نشأت فيها وأتت منها فيرينا قد اشتهرت بالتطبيب وصناعة الدواءمن الأعشاب وكانت توزعها على أنحاء مصرفقد استثمرت هذه الخبرة ونقلتها للسويسريين ،والمدهش أن نري السويسريين هم الذين يحتفلون بذكراها في كل عام ويرمزون إليها بالمشط المزدوج (الفلاية ) وإبريق المياه وبالمناسبة فإن هناك قديسة مصرية أخرى عاشت تجربة مماثلة وقامت بنفس الدور ولكن في فرنسا وأنا مشغولة بالبحث عنها.