«موناليزا أفغانستان».. حسناء كابل رمز المعاناة وطالبان تعيدها للواجهة
أنا حواتداولت مواقع التواصل الإجتماعى خلال الأونة الأخيرة صورة شربات جولا، وهى سيدة أفغانية تعود إلى الساحة مرة أخرى، مع سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول، وهى صورة للسيدة الإفغانية فى طفولتها، عندما كانت فى عمر الـ12 عامًا، التقطها مصور صحفى أمريكى، عام 1984، في مخيم ناصر باج للاجئين في باكستان، أثناء تغطية الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وتم إطلاق لقب "موناليزا افغانستان" على الصورة.
وبرزت صورة شربات جولا، مرة أخرى مع تصاعد الأحداث فى البلد المنكوب من الحروب، بعد إحكام طالبان سيطرتها على البلاد، إذ تداول مغردون الصورة معتبرين "أنها تقول كل شيء عن أفغانستان دائمًا"، في إشارة لما تمثله من سحر وجمال، وبؤس الواقع في نفس الوقت.
اقرأ أيضاً
الظهور الأول لشربات جولا، كان على غلاف مجلة ناشيونال جيوجرافيك، عدد يونيو 1985، وقتها لم تكن توجد أى معلومات عن صاحبة الصورة، سوى أنها تبدو فتاة مراهقة بعيون خضراء ترتدي حجابا أحمر، بينما تحدق بحدة إلى الكاميرا.
وتم إطلاق اسم "موناليزا العالم الأول في العالم الثالث"، على صورة شربات، عندما وصلت الصورة للعالم الغربى، فى إشارة للوحة دافنشى الشهيرة "الموناليزا"، وأصبحت الصورة "رمزية" لـ "فتاة لاجئة تعيش في مخيم بعيد" وتستحق التعاطف.
وحققت صورة جولا وقتها انتشارا كبيرا، وشهرة ضخمة، إلا أن صاحبة الصورة، كانت خارج المعادلة، حيث لم تكن تعلم عنها شيئا، حتى قرر الصحفي ستيف ماكوري البحث عن جولا، وقام بعدة محاولات خلال التسعينيات للعثور عليها، باءت جميعها بالفشل.
وقرر فريق من ناشيونال جيوجرافيك، السفر إلى افغانستان للبحث عن السيدة فى عام 2002، وبعد بحث مضني، عثر الفريق أخيرا على شربات جولا، في منطقة نائية في أفغانستان، حيث كانت تبلغ من العمر آنذاك حوالي 30 عاما.
تم التأكد من هوية جولا من قبل الأستاذ بجامعة كامبريدج جون داوجمان باستخدام تقنية التعرف على قزحية العين، من خلال تشغيل خوارزميات التعرف على قزحية العين على صور مكبرة لمناطق العين في صورتها القديمة الملتقطة عام 1984، وصورة حديثة التقطت عام 2002.
وبعد مجهود الفريق فى البحث عن جولا، عرضت مجلة ناشيونال جيوجرافيك،صور أحدث لها كجزء من قصة غلاف عن حياتها في عدد أبريل 2002، وأيضا كانت موضوع فيلم وثائقي تلفزيوني، البحث عن الفتاة الأفغانية، الذي تم بثه في مارس 2002.
تقديرا لجولا أنشأت مجلة ناشيونال جيوجرافيك "صندوق الفتيات" الأفغانيات، وهي منظمة خيرية تهدف إلى تعليم الفتيات والشابات الأفغانيات، وفي عام 2008، تم توسيع نطاق الصندوق ليشمل الأولاد، وتم تغيير الاسم إلى "صندوق الأطفال الأفغان".
شربات جولا عانت من حياة صعبة للغاية، فهى من مواليد عام 1972، وفرت مع عائلتها من قريتهم شرقي ولاية ننجرهار أثناء قصف الاتحاد السوفيتي لأفغانستان في نهاية السبعينيات، حيث سارت مع أسرتها عبر الجبال إلى باكستان، باتجاه مخيم ناصر باج للاجئين عام 1984.
وتزوجت جولا بين سن 13 و16، وعادت إلى قريتها في أفغانستان عام 1992، وهي أرملة، لديها ثلاث بنات، وتوفي زوجها بسبب التهاب الكبد الوبائي سي في عام 2012.
والقت السلطات الباكستانية القبض على شربات جولا، فى 26 أكتوبر 2016، لعيشها في باكستان بوثائق مزورة، وحُكم عليها بالسجن خمسة عشر يوما وترحيلها إلى أفغانستان.
واستقبل الرئيس الأفغانى السابق أشرف غني والرئيس السابق حامد كرزاي، شربات جولا وأطفالها، فى القصر الرئاسى مع وعود بدعمها ماليا.
وفي ديسمبر 2017، مُنحت جولا وبناتها الثلاثة مسكنا فى العاصمة كابول، ولا تزال شربات جولا شاهدة على مآسي بلادها حتى الساعة، إذ تجترّ صورتها القديمة ذكريات الماضي القديمة الأليمة.