محمد الغيطي يكتب.. قصتي مع الكاتبة التي احتفل بها جوجل وصدمتي عندما سألتني عن الجنس؟
أنا حوالو تعلم الكاتبة الراحلة أليفة رفعت أن مؤشر البحث "جوجل" سيحتفي بها ويضع صورتها على رأس صفحته ويطلق عليها أميرة الاحتجاج، ربما اختلفت نهايتها ولم تعش لحظة إحباط أو إكتئاب أو رعب من محاولة اغتيالها وهي التي طرق بابها من يحاول قتلها يومًا بسبب جرأة كتاباتها وجرأتها على ثورة النساء وتمردهم ضد الرجل والمجتمع، كان من حسن حظي وأنا في بداية عملي الصحفي الاحترافي وكنت أراسل عدة صحف عربية أن طلبت جريدة السفير اللبنانية من مدير وكالة صحفية من تلك التي كنا ونحن طلبة نعمل بها وتعطينا الفتات ويقبض صاحبها الدولارات، طلبت الوكالة حوار صحفي مع الأديبة أليفة رفعت التي منعت مؤلفاتها داخل مصر بسبب تجاوزها وحديثها عن حرية المرأة في التعاطي الجنسي والهجوم على رجال الدين الذين كفنوا المرأة حسب قولها ووضعوها في الحرملك وأهملوا حقها في التمتع والحرية وبدأت دور شر أوربية وأفريقية تنشر مؤلفاتها وبالطبع بيروت التي تمتعت دومًا باحتواء المتحررات وتضخيم انتاجهم وبث ارائهم، المهم انني حصلت على تليفونها المنزلي واتصلت بها واعطتني موعدًا اعتقد كان منزلها في ضاحية مصر الجديدة، وذهبت بعد أن ذاكرت انتاجها وراعني وأرعبني تجرؤ خطابها النسوي حتى انها قالت في احدى مقالاتها في مجلة الهلال لماذا نعتبر الرجل الذي يمارس الجنس مع أكثر من امرأة بأنه فتوة وفحل (عنتيل بلغة هذه الأيام)، ويفخر به عالم الرجال ولا نترك الفرصة للنساء لفعل نفس الشئ وتحدثت عن قبايل أفريقية يترك للنساء فيها حرية التعاطي الجنسي والمتعة تحت نظر رجالهن وأريحية وموافقة مجتمعهن.
المهم أنني ذهبت اليها واستقبلتني بابتسامة هادئة وملابس بسيطة وشيك دون ابتذال تاركة شعرها المنسدل وكانت في أواخر الأربعينات، وأعدت لنا الشاي وجلسنا وقبل أن نتحدث سألتني أسئلة شخصية وهل أنا مرتبط وهل مارست الجنس مع من أحب، وشعرت أنني في كمين (فيما بعد أدركت أن تصوري المسبق والاشاعات التي حامت حولها في الوسط الأدبي والثقافي خلقت لدي تصورات وهمية).
الحقيقة أنها أرادت معرفة كيف يفكر جيلنا وقالت أن أزمة الجنس سبب كل البلاوي في المجتمع وان الفكر الوهابي المتزمت وعزل الأنثى وعدم اختلاطها بالرجل منذ الصغر وقيود المجتمع المحافظ سبب الأمراض الاجتماعية والنفسية، وقالت أن ختان الاناث أكبر جريمة في مصر وانها اغتيال مبكر للأنثى وان معظم المتزوجات لا يصلن للأورجازم بسببه وبسبب عدم وجود ثقافة جنسية وطالبت بتدريسها في المدارس.
بدأنا التسجيل وطلبت منها أن تحدثني عن طفولتها وشبابها وزواجها وسردت كيف انها عاشت طوال حياتها السابقة قبل وفاة زوجها في قهر عاطفي وجنسي، وانها اشتهرت وعُرفت باسم «أليفة رفعت»، لكن اسمها الحقيقي فاطمة عبد الله رفعت، ولدت في 5 من يونيو عام 1930 في القاهرة، اتخذت هذا الاسم المستعار لشغوفها بالعلم إذ كانت تألف كتابة القصص، ولديها رغبة كبيرة في الالتحاق بالجامعة، لكنّ والديها عارضوا هذا القرار بل واتّخذوا قرار زواجها نيابةً عنها من ابن عمها ضابط الشرطة التي أنجبت منه ثلاثة أولاد، مما أثّر بشكل كبير على كتاباتها ومواقفها، فانتقدت بقوّة الطريقة التي تُعامل بها المرأة محتجّة على وضعها في بيئة لا تمنحها حرية الاختيار. وانها عانت من توبيخ الأسرة لها على كلماتها إلا أنها صممت وأصرت على تحقيق أحلامها وواصلت الكتابة.
* رموز وأسماء مستعارةقالت انها منعت من كتابة اسمها على ما تكتب بسبب تعنت زوجها واضطرت أن تكتب برموز وأسماء مستعارة مثل الأديبة الانجليزية جورج ساند التي احتجت على وضع المرأة التي ليس لها حرية الاختيار ومنعها زوجها وحبسها وشعرت انها مجرد وسيلة لامتاعه وقتما شاء، وأنها لا حق لها في طلب المتعة مثله حتى اكتشفت خيانته وواجهته، وكانت الطامة التي حولت حياتها لأنها طلبت الطلاق فقايضها بأن يسمح لها بالكتابة شرط ان يقرأ ما تكتب فكانت تهرب ما تكتبه لصحف أجنبية وكانت تعرف عدة لغات حتى انها اشتهرت خارج مصر وتصورت انها عندما تكتب في صحف مصرية لن يعرف فكتبت قصة أختها وسر موتها ونشرتها في مجلة «الرسالة»، فثار الزوج مرة أخرى، خوفًا أن تكتب قصته، وخيرها بين الكتابة والعودة إلى بيت والدها ففضلت الحفاظ على مظهر الأب لأولادها، فكتبت تحت أسماء مستعارة منها «بنت بنها»، «عايدة»، حتى اكتُشف سرها عام 1965م، وجعلها زوجها تقسم على المصحف ألا تنشر شيئًا وهو حي.
قصتها أثرت في وجعلتني اتعاطف معها وعندما سألتها عن الكاتبة نوال السعداوي التي تسير على دربها قالت انها لم تقرأ لها لكن سمعت عنها، وطلبت منها أن تختم الحوار بكلمات فقالت المرأة عندنا تحتاج أن تكسر قيودها واننا ترجعنا للخلف وأن الحجاب والنقاب ظاهرة تعبر عن فصام مجتمعي وانه لابد من فرض قانون بحق المرأة في الاختيار، وانهارها الحرية الجنسية للمرأة لان الجنس يفجر طاقة ايجابية تجعل الروح في توهج وأن حرية الجسد مرتبطة تحرر الطاقات مثلما في البوذية وبعض الطرق الصوفية، واطنبت في شرح هذه النقطة واسترسلت وخرجت من عندها وكاني مخبوط على رأسي ونشر الحوار في السفير وفي مجلة المنابر اللبنانية (الوكالة قطعته وبعته بالحتة) وكان العنوان الأديبة المصرية اليفة رفعت تدعو للحرية الجنسية وان تقيم المرأة علاقات مع أكثر من رجل) ومنع العدد من النزول للسوق، وانتظرت أن ياتي لنا نسخ بالدي اتش ال وبالفعل عندما وصلنا عدة أعداد بالبريد الجوي اخذت عددين وذهبت اليها فاستقبلتني بحفاوة وضحكت وقالت انت عملتي مشكلة بالعنوان العالم كله بيكلمني، وصحف بريطانية نشرته مترجم، قلت لها وأنا كنت خايف لتزعلي، العنوان اللي عمله الديسك هناك، فقالت عبارة لاتزال ترن في رأسي (المجتمع العربي محتاج حجر في راسة عشان يفوق وكل ما كلامي وجع المجتمع والرجال يبقى أنا صح، تلك هي أليفة رفعت التي أطلق عليها جوجل أميرة الاحتجاج. وأيضًا..https://www.facebook.com/anahwa2019