هند الصنعانى تكتب.. «جعلونى تريند»
أنا حواالفن، الرسالة السامية التى تساهم في بناء مجتمع متفتح، متقدم، واعي وأيضا راقي، إفراز ايضًا لثقافة مجتمع ومرآة تعكس الواقع والبيئة التي يعايشها الإنسان.
نعلم أن الفن يؤثر على المجتمع بطرق مقصودة وغير مقصودة عن طريق الفنان الذي يتمتع بصفات خاصة لا توجد عند باقي أفراد المجتمع، بالإضافة الى الموهبة والإبداع فهو صاحب فلسفة وفكر متميز، لديه مشاعر مرهفة، يكون مثالًا وقدوة لفئة كبيرة في المجتمع وهي الشباب، لذلك هو مطالب بابداعات تخترق مستجدات ونتاقضات الحياة. وهنا أقف وقفة تقدير وإجلال للعملاق فريد شوقي الذي استحق لقب وحش السينما المصرية عن جدارة واستحقاق، واستطاع الحفاظ عليه رغم وفاته منذ سنوات ليس لأنه ذلك البطل الذي ينتصر بقوة عضلاته على الأشرار، لكنه توج بإبداعاته المتميزة والخالدة، فهو الفنان الوحيد الذي استطاع تغيير القانون المصري من خلال فيلمين كانا من انجح افلامه حيث شارك في كتابة أحدهما وهما "جعلوني مجرمًا " و" كلمة شرف". وبالرغم من أن مكانة العظيم فريد شوقي هي مكانة خاصة به فقط، لكننا لا نستطيع تجاهل كل الفنانين العظماء الذين كان لهم مواقف عديدة استطاعوا تخليد أسماءهم سواء بأعمالهم أو بتصريحاتهم التي لم تعكس إلا ثقافة مجتمع في ذلك الوقت، فلا يمكننا أن نمر بدون التطرق الى تصريحات العظيمة فاتن حمامة وهي تتحدث عن الفن وعن حياتها وشخصيتها، هذا الحوار الذي يبهر كل من يشاهده عندما تحدث اللغة الفرنسية بكل طلاقة، هذه هي الصورة المبهرة التي صدرت آنذاك للمرأة العربية المتقدمة، القوية، الحرة، ليس من خلال فساتينها الجريئة و"بدون بطانة"، بل من خلال ثقافتها وتفكيرها العميق. تغيرت المفاهيم وتغيرت الأهداف، وأصبح الفنان يعتمد على معايير غريبة ومختلفة للنجاح ومن أجل الهاجس المستجد "ركوب التريند" ضاربًا عرض الحائط كل المبادئ واختار مبدأ التنازلات حتى لو كانت ستنال من سمعته وسمعة ممن حواليه، كما جاء ذلك في حوار صادم لفنان التجأ هو أيضًا الى موضة "التريند" ليكتسب رصيدًا بعدما فقد القديم لسبب أو لآخر، ربما اقنعه المحاور بأن ذلك موجة العصر لكنه لم ينبه أنه في حالة الفشل سيكون قد اغتال شخصيته الفنية للأبد. حاولت تحليل السبب الذي جعله يبوح بأسرار عدى عليها سنوات من الزمن وقام بفتح باب الستر الذي كان يجمعه بفنانة عظيمة لا يعرف عنها إلا الإحترام والالتزام في حياتها الشخصية والمهنية، وتحية لهذه الفنانة التي كان ابلغ ردها عليه هو عدم الرد، لكن بصراحة لم أجد اي تفسير لذلك. أتساءل دائمًا لماذا اختلفت أخلاق الفنانين، عبد الحليم وفريد الاطرش جمعتهم صداقة قوية لكن أيادي خفية نجحت في تعكير صفو هذه الصداقة لينشب خلافًا كان الأشهر في ذلك الوقت لكننا لم نسمع عن تطاولات أو تجاوزات مست أحدهما، لم نسمع أيضًا عن الفنان العظيم رشدي أباظة قد تكلم على احدى زيجاته المتعددة بطريقة غير متحضرة ولم يفصح أبدًا عن اسرارهن الكثيرة رغم الخلافات، ظل دائمًا رمزًا للشياكة حتى في اخلاقه وتعاملاته ولم يفكر أبدًا في "ركوب التريند". موضوع " التريند" هذه الصناعة المستجدة التي تتخصص في صناعة الأخبار و ترويجها، سيطرت على حياة الناس، قد تكون في بعض الأحيان حقيقية هدفها انساني، فتنظم الحملات لدعم العديد من الحالات التي تحتاج لذلك، لكن هناك ما هو الأخطر، هو ذلك "التريند" المزيف الذي ينتشر عن طريق جهات مختصة بعد تخطيط مدبر وموجه، يكون هدفه خلق صراعات في مجتماعتنا عن طريق استغلال نقاط ضعف العديد من الشباب لاختراق عقولهم والسيطرة عليهم مدى الحياة. وأيضًا..https://www.facebook.com/anahwa2019